وتؤول به إلى الهلاك
وتُحْدث أمراضًا مستعصية لا يمكن علاجها، سمَّاها الله تعالى رجسًا من عمل
الشيطان.
أمَّا خمر الجنة، فإنها خمر طيبة، ليس فيها آفة وليس فيها كدر، ولا تذهب
العقول:﴿لَّا يُصَدَّعُونَ
عَنۡهَا وَلَا يُنزِفُونَ﴾ [الواقعة: 19]، فنفى سبحانه عن خمر الجنة الآفات التي
في خمر الدنيا، فخمر الدنيا خبيثة وخمر الجنة طيبة، ولهذا قال:﴿لَذَّةٖ لِّلشَّٰرِبِينَ﴾ [الصافات: 46] خلاف
خمر الدنيا، فإنها لا لذة فيها، بل هي مُرَّة الطعم، كريهة المذاق، خبيثة الرائحة،
سيئة الأثر على مَن شربها، وقد رتب الله على شاربها الحد بأن يجلد ثمانين جلدة،
وأسقط عدالته فلا تقبل له شهادة إلا أن يتوب إلى الله سبحانه وتعالى؛ لأنه مرتكب
لكبيرة من كبائر الذنوب؛ أمَّا خمر الجنة فإنها طيبة نافعة لذيذة، لا يعتريها أي
آفة من آفات خمر الدنيا، وإن اشتركت مع خمر الدنيا في الاسم، لكن المعنى والحقيقة
مختلفان جدًّا.
ومما في الجنة من المشارب: العسل، وهو موجود في الدنيا، وهو من ألذ المشارب
وأنفعها، وفيه شفاء، كما ذكر الله سبحانه وتعالى، مع أنه لذيذ وطيب ففيه شفاء
للناس.
وعسل الجنة أحسن من عسل الدنيا، بل لا يشبه عسل الدنيا إلا بالاسم، ولهذا قال:﴿مِّنۡ عَسَلٖ مُّصَفّٗىۖ﴾ [محمد: 15] لأن عسل الدنيا فيه كدر، ويحتاج إلى تصفية، ويحتاج إلى تعب بعد تحصيله، خلاف عسل الجنة، فإنه مصفى من الأصل، لا يحتاج أهل الجنة أن يتعبوا في تصفيته وفي إصلاحه مثل ما يتعبون في عسل الدنيا، ثم أيضًا عسل الدنيا قليل - كميات قليلة - أما عسل الجنة فإنه أنهار تجري:﴿وَأَنۡهَٰرٞ مِّنۡ عَسَلٖ مُّصَفّٗىۖ﴾ [محمد: 15] أنهار كثيرة، وهذا من عجائب آيات الله سبحانه وتعالى؛