وإنما ينفع عنده العمل الصالح، ولو كان صاحبه ليس له نسب معروف، قال الله
سبحانه وتعالى:﴿إِنَّ
أَكۡرَمَكُمۡ عِندَ ٱللَّهِ أَتۡقَىٰكُمۡۚ﴾[الحجرات: 13]، وقال
تعالى:﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي ٱلصُّورِ
فَلَآ أَنسَابَ بَيۡنَهُمۡ يَوۡمَئِذٖ وَلَا يَتَسَآءَلُونَ ١٠١فَمَن ثَقُلَتۡ مَوَٰزِينُهُۥ
فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ١٠٢وَمَنۡ خَفَّتۡ مَوَٰزِينُهُۥ فَأُوْلَٰٓئِكَ
ٱلَّذِينَ خَسِرُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ فِي جَهَنَّمَ خَٰلِدُونَ ١٠٣﴾[المؤمنون: 101- 103].
فلا ينظرون في الآخرة إلى الأنساب، ولا إلى الأموال، ولا إلى الجاه، ولا
إلى الأولاد، وإنما ينظر إلى شيءٍ واحدٍ، وهو العمل الصالح الذي ينفع عند الله
سبحانه وتعالى، فالإيمان والعمل الصالح هذا هو الذي ينفع عند الله عز وجل، كذلك لا
ينفع الإنسان عمل قريبه، أو عمل والده، أو عمل ولده، ويقول: أنا ابن فلان، أو: أنا
أبو فلان، أو أنا من بني فلان، لا ينفعه إلا عمله الصالح، لا ينفعه عملُ غيره ولو
كان أقرب الناس إليه؛ فإبراهيم عليه الصلاة والسلام هو أفضل أهل الجنة بعد نبينا،
وأبوه - والعياذ بالله - في النار؛ لأنه لم يؤمن بالله عز وجل. ونبينا محمد صلى
الله عليه وسلم هو سيد الأولين والآخرين، وأبوه في النار، وجده في النار، وعمه في
النار، إلا من آمن بالله ورسوله وعمل صالحًا، ونوح عليه السلام لم ينفع ولدَه، كما
ذكر الله سبحانه وتعالى عنه أنه لما انفرد عن أبيه وصار مع الكافرين، صار من أهل
النار، وأبوه نبي الله نوح عليه الصلاة والسلام وأول رسول إلى أهل الأرض، فلا ينفع
الإنسان عملُ قريبه، أو عمل صديقه، أو عمل أبيه، أو ابنه، لا ينفع الإنسان إلا
عمله الصالح الخاص به.
نسأل الله عز وجل أن يوفق الجميع للعمل الصالح والإخلاص لوجهه والتوبة
النصوح، وحفظ الأوقات فيما ينفع، وحفظ الأعمار فيما يفيد، وصلى الله وسلم على
نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
***
الصفحة 4 / 128