ومنهم سابق بالخيرات: وهذا
أعلى الدرجات؛ قال تعالى:﴿وَٱلسَّٰبِقُونَ
ٱلسَّٰبِقُونَ ١٠أُوْلَٰٓئِكَ ٱلۡمُقَرَّبُونَ ١١فِي جَنَّٰتِ ٱلنَّعِيمِ ١٢﴾ [الواقعة: 10- 12]،
ثم أخبر أنهم كلهم في الجنة، والسابق بالخيرات هو الذي يفعل الواجبات والمستحبات
ويترك المحرمات والمكروهات وبعض المباحات من باب الاحتياط، هذا هو السابق
بالخيرات.
ثم أخبر سبحانه أن هذه الأصناف الثلاثة كلها في الجنة، أما السابقون
بالخيرات فيدخلون الجنة بغير حساب، وأما المقتصدون فيحاسبون حسابًا يسيرًا، وأما
الظالم لنفسه فهو الذي يُناقش الحساب، وهو تحت المشيئة؛ إن شاء الله غفر له، وإن
شاء عذبه بقدر ذنوبه، ثم يدخل الجنة بعد ذلك.
ثم بين سبحانه وتعالى ما يُحلون ويتزينون به:﴿يُحَلَّوۡنَ
فِيهَا مِنۡ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٖ وَلُؤۡلُؤٗاۖ وَلِبَاسُهُمۡ فِيهَا حَرِيرٞ﴾ [فاطر: 33] يتحلون
بالذهب واللؤلؤ، وهذا في الجنة.
أمَّا في الدنيا فلا يجوز للرجال أن يتحلوا بالذهب وإنما هذا في الجنة، كما
قال صلى الله عليه وسلم: «وَلاَ
تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَلاَ تَأْكُلُوا فِي
صِحَافِهِمَا، فَإِنَّهَا لَكُمْ فِي الآْخِرَةِ، وَلَهُمْ فِي الدُّنْيَا» ([1]).
فالمؤمنون يلبسون الذهب في الجنة وآنيتهم من فضة ومن ذهب:﴿يُطَافُ عَلَيۡهِم بِصِحَافٖ مِّن ذَهَبٖ وَأَكۡوَابٖۖ﴾ [الزخرف: 71] ففي الجنة يحلون بالذهب والفضة واللؤلؤ كما في هذه الآيات؛ أما في الدنيا فإنهم يتجنبون التحلي بالذهب طاعة لله؛ لأنها للكفار في هذه الدنيا هم الذين يلبسون الذهب ويلبسون الحرير، وكذلك الحرير حرام على الرجال المسلمين في هذه الدنيا؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الذهب والحرير:
([1]) أخرجه: البخاري رقم (5426)، ومسلم رقم (2067).