فيها ولا يهرمون، بل هم شباب دائم، وصحة دائمة، ولذة دائمة، ونعيم دائم،
وقرة عين لا تنقطع:﴿يُحَلَّوۡنَ
فِيهَا مِنۡ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٖ وَلُؤۡلُؤٗاۖ وَلِبَاسُهُمۡ فِيهَا حَرِيرٞ﴾[الحج: 23]. ثم إنهم
حمدوا الله وشكروه؛ لأنهم ما حصلوا على هذه الجنة إلا بفضل الله، فاعترفوا بفضل
الله وقالوا: الحمد لله﴿ٱلَّذِيٓ
أَحَلَّنَا دَارَ ٱلۡمُقَامَةِ مِن فَضۡلِهِۦ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٞ وَلَا
يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٞ﴾ [فاطر: 35]، فهم في الجنة في راحة وفي لذة وفي نعيم، لا
يتعبون، ولا يسخطون، ولا يهرمون، ولا يمرضون، ولا يجوعون، ولا يعطشون، ولا يصيبهم
برد، بل هم في لذة دائمة ونعيم دائم:﴿مُّتَّكِِٔينَ
فِيهَا عَلَى ٱلۡأَرَآئِكِۖ لَا يَرَوۡنَ فِيهَا شَمۡسٗا وَلَا زَمۡهَرِيرٗا ١٣وَدَانِيَةً
عَلَيۡهِمۡ ظِلَٰلُهَا وَذُلِّلَتۡ قُطُوفُهَا تَذۡلِيلٗا ١٤وَيُطَافُ عَلَيۡهِم بَِٔانِيَةٖ
مِّن فِضَّةٖ وَأَكۡوَابٖ كَانَتۡ قَوَارِيرَا۠ ١٥قَوَارِيرَاْ مِن فِضَّةٖ قَدَّرُوهَا
تَقۡدِيرٗا ١٦﴾ [الإنسَان:
13-16].
هذا شرابهم، وهذه آنيتهم، وهذا لباسهم، وهذا حليتهم وزينتهم، والأعظم من ذلك أن هذه النعم لا تنقطع ولا تزول، ولا يخافون أن تُسرق أو أن تؤخذ أو أن يغلبوا عليها كما في الدنيا؛ فلو أن الإنسان أوتي في الدنيا ما يشاء من النعمة ومن المال ومن الملذات فإنه غير آمن، بل هو خائف دائمًا وأبدًا، والأمراض تهدده والعدو يهدده، والهرم والكبر كل ذلك من ورائه، فهو لا يطمئن ولا يتلذذ، وأيضًا يخاف على هذا المال أن يزول أو أنه يخسر أو أنه يكسد، فهو دائمًا في لهث وفي تعب وراء هذا المال؛ فيحرمه ويخاف عليه، فهو وإن أوتي في الدنيا ما أوتي من الملذات إلا أنه غير مرتاح وغير مطمئن ولا يتلذذ بها، وقد يصاب بمرض يحرمه من تناولها ومن لذتها، ولو سلمَ من المرض فإن الموت سيهجم عليه وينقله منها إلى دار الآخرة. أما الجنة فإنه ليس فيها خوف:﴿لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٞ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٞ﴾ [فاطر: 35]، فهم دائمًا في سرور وراحة،