فدلَّ هذا على أن الله جل وعلا لا يراه أحد في الدنيا مهما بلغ من المرتبة
والكرامة، حتى موسى عليه الصلاة والسلام لم ير ربه في الدنيا، وكذلك محمد صلى الله
عليه وسلم ليلة عرج به إلى السماء لم ير ربه بعينه على الصحيح، وهذا الذي عليه
جمهور أهل السنة، أنه لم ير ربه بعينيه، وإنما رآه بقلبه، فلا أحد يرى ربه في هذه
الدنيا، وإنما الرؤية يدخرها الله كرامة لأوليائه في الجنة يوم القيامة، فهم الذين
يرونه، وتقر أعينهم برؤيته، ويتنعمون ويتلذذون برؤيته الرب سبحانه وتعالى، هذا ما
دلت عليه الأدلة الثابتة من الكتاب والسنة، وأجمع عليه علماء المسلمين من السلف
الصالح وأتباعهم، وهو ثبوت رؤية الرب سبحانه وتعالى في الدار الآخرة لعباده المؤمنين،
فلا بد من الإيمان بذلك واعتقاده، ولذلك جعل العلماء الإيمان بالرؤية من مسائل
وأصول الاعتقاد، فيذكرونه في كتب العقائد؛ لأجل أن يعتقده المسلم ويصدق به ويؤمن
به، والذي يجحد رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة يكون كافرًا - بعد معرفة الأدلة
على ثبوتها - لأنه مكذب لله، ومكذب لرسوله صلى الله عليه وسلم، ومكذب لإجماع
المسلمين، نسأل الله العافية، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله.
***
الصفحة 3 / 128