×
مَجَالِس شَهْرِ رَمَضَانْ

 المجلس السادس والعشرون

 في ذم الإعجاب بالدنيا، والانشغال بها عن الآخرة

****

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد:

حقيقة الدنيا أنها دار مؤقتة، ليست دار استقرار وإقامة، وإنما هي محطة، فإن استعملها الإنسان وأشغلها بطاعة الله صارت مزرعة للآخرة؛ أما إن شغلته بشهواتها وملذاتها فإنه يخسر دنياه وآخرته، لا الدنيا تدوم له، والآخرة لم يقدم لها شيئًا، فهذا كما قال الله تعالى:﴿خَسِرَ ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةَۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡخُسۡرَانُ ٱلۡمُبِينُ [الحج: 11].

أمَّا الأول: الذي شغل دنياه ولم تشغله؛ بل شغلها هو فيما ينفعه عند الله سبحانه وتعالى، فهذا هو الذي يربح دنياه وآخرته؛ يربح دنياه لأنه شغلها بالخير، ويربح آخرته لأنه قدم لها عملاً صالحًا.

والله عز وجل في كثير من الآيات يقول:﴿فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا [لقمان: 33]، نهى سبحانه وتعالى عن الاغترار بالحياة الدنيا؛ وذلك لأن الذي يغتر بها ينخدع، ويضيع عليه وقته، ويفوت عليه عمره، وهو لهوٌ ولعب، وغفلة وإعراض، وقد لا يكون في لهو وغفلة؛ بل هو يشقى بالليل والنهار للدنيا فقط، بجمع المال، وبتكديس الثروات، أو بالصناعات، كما هي حال كثير من الكفرة اليوم، يشتغلون بالصناعات والاختراعات، ثم ماذا؟ ما هي النتيجة؟ أنها لغيرهم، فهم أتعبوا أنفسهم، وأفنوا مداركهم في شيء لا يبقى لهم، وهم لا يبقون له، وليس معنى هذا أن الإنسان لا يستفيد من منافع الدنيا وصناعاتها؛ بل يستفيد منها


الشرح