ومن الناس من يزرع الثمرات الطيبة والنباتات الطيبة، التي تنفعه وتنفع
غيره، هذا يزرع النخل الذي جعل الله فيه الغذاء والقوت الطيب، ينفعه وينفع غيره،
وهذا يزرع المخدرات التي تدمره وتدمر العالم، فالفرق هو تصرف الإنسان واستعمال
الإنسان.
فالمسلم الموفق هو الذي يستغل دنياه لآخرته، والشقي هو الذي تستغله دنياه
ويصبح خادمًا لها، وفي النهاية: إما أن تذهب وتتركه، وإما أن يذهب هو ويتركها،
ويكون له الشوك، ولغيره الثمرة.
فيجب على المسلم العاقل البصير أن يتفكر في أمور دنياه، ولا يكون كالبهيمة
التي لا تدري ماذا يراد بها؛ بل إن البهيمة أحسن حالاً من الإنسان؛ لأن البهيمة لا
يحصل منها ضرر على أحدٍ إلا إذا آذاها وضايقها، والبهيمة أيضًا ليس عليها حساب،
وليس لها جنة ونار، خلقت لهذه الدنيا، وهي من مصالح الدنيا؛ يركبها الإنسان ويحمل
عليها، ويأكل من لحمها، ويشرب من لبنها، ويلبس من صوفها ووبرها، فهي مخلوقة
للإنسان، وليس عليها تكليف، فالإنسان هو الذي خلقت له هذه الأشياء، فعليه أن يحسن
التصرف، ويحسن الاستعمال؛ حتى تكون هذه الأشياء نافعة له في الحاضر والمستقبل، وفق
الله الجميع لما يحب ويرضى.
***
الصفحة 3 / 128