وعذاب القبر من أمور الآخرة التي لا يعلمها إلا سبحانه وتعالى، وقد يطلع
عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيعلم من ذلك ما علمه الله، وقد يطَّلع بعض
الصالحين على عذاب القبر؛ للعبرة والعظة، وقد ذكر ابن رجب رحمه الله في أهوال
القبور أشياء مزعجة من أحوال الموتى والمعذبين في القبور؛ فقد يكون الميت في عذاب،
وأنت لو فتحت عليه القبر ولمسته ما أحسست بشيء، ولا رأيت عذابًا ولا رأيت شيئًا،
لكن هو في العذاب -والعياذ بالله- وأنت لا تدري، وقد يُدفن الاثنان في قبرٍ واحدٍ؛
أحدهما في عذاب، والآخر في نعيم، وبعضهم إلى جانب بعض، فلا يصل إلى هذا من عذاب
هذا، ولا إلى هذا من نعيم هذا؛ لأنَّ عذاب القبر من أمور الآخرة التي لا يعلمها
إلا الله.
وعذاب القبر يصل إلى الميت سواء دفن أو لم يدفن، حتى لو أكلته الطيور، ولو
ألقي في البحر، وحتى لو صلب على خشب، فإنه يأتيه عذاب القبر في أي مكان كان، والله
على كل شيء قدير.
فالحاصل: أنَّ عذاب القبر أمر ثابت، ولا ينكره إلا أهل الضلال والمبتدعة؛
أما أهل الإيمان فإنهم يؤمنون به ويصدقون به، ويستعيذون بالله من عذاب القبر،
ويتجنبون الأسباب التي تسبب عذاب القبر.
نسأل الله أن يعيذنا وإياكم من عذاب القبر، ومن عذاب النار، وصلى الله وسلم
على نبينا محمد.
***
الصفحة 4 / 128