وفيما شرعه الله الخير والبركة والكفاية، لمن وفقه الله سبحانه وتعالى، فإن
الله لم يكلنا إلى عقولنا، ولم يكلنا إلى أنفسنا، ولم يكلنا إلى أعمال الناس
وعادات الناس وتقاليد الناس، بل أنزل علينا كتابًا وأرسل إلينا رسولاً، وسنَّ لنا
طريقًا نسير عليه، ولهذا جاء في آخر سورة الفاتحة:﴿إِيَّاكَ
نَعۡبُدُ وَإِيَّاكَ نَسۡتَعِينُ ٥ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَٰطَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ ٦صِرَٰطَ ٱلَّذِينَ
أَنۡعَمۡتَ عَلَيۡهِمۡ غَيۡرِ ٱلۡمَغۡضُوبِ عَلَيۡهِمۡ وَلَا ٱلضَّآلِّينَ ٧﴾ [الفاتحه: 5- 7]،
فهذا دعاء يدعو به المسلم في كل ركعة من صلاته، وهو دعاء عظيم، تدعو أن يهديك الله
إلى الصراط المستقيم، الذي هو دينه وشرعه، وأن يمسكك به ويسيرك عليه، وأن يجنبك
طريق المغضوب عليهم، وهم الذين عندهم علم ولم يعملوا به، فعصوا الله على بصيرة،
وطريق الضالين، وهم الذين يعملون لكن على غير هدى وعلى غير دليل وعلى غير شرع من
الله، فهم ضالون ضائعون، ليسوا على طريقة، وإنما هم في مهالك، يتعبون أنفسهم في
غير جدوى.
هذا مثال لكل من عمل عملاً ليس على شرع الله سبحانه وتعالى، مهما كلف به نفسه، ومهما حسنت نيته وسلم قصده، فإن العمل الذي يؤديه غير مشروع، والله جل وعلا لا يرضى إلا بما شرع، والله جل وعلا أَكْملَ لنا الدين، ولم يترك لأحد مجالاً أن يأتي ويجلب أشياء يستحسنها، بل أكمل لنا الدين، فلا يقبل الزيادة ولا النقص، وما توفي الرسول صلى الله عليه وسلم إلا وقد أكمل الله به الدين وأتم به النعمة، فمَن كان يريد الخير والنجاة فليتمسك بهذا الدين من غير زيادة ولا نقص، حتى يكون على صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحَسُن أولئك رفيقًا.