الدَّليل الثَّاني: قول الله تعَالى: ﴿وَلَا
يَزَالُونَ يُقَٰتِلُونَكُمۡ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمۡ عَن دِينِكُمۡ إِنِ ٱسۡتَطَٰعُواْۚ
وَمَن يَرۡتَدِدۡ مِنكُمۡ عَن دِينِهِۦ فَيَمُتۡ وَهُوَ كَافِرٞ فَأُوْلَٰٓئِكَ
حَبِطَتۡ أَعۡمَٰلُهُمۡ فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِۖ
هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ﴾ [البقرة: 217].
****
هذا
في قضية حصلت في عهد النَّبي صلى الله عليه وسلم ([1])،
فقد أرسل الرَّسُول صلى الله عليه وسلم سرية بقيادة عبْد اللهِ بن جحش رضي الله
عنه، حيث تترصد أُمُور المُشْركين وتأتي بالأخبار للرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم،
فلما خَرجُوا وكانوا في مكان بين مكَّة والطائف في شهر رجب، وإذا بقافلة
للمُشْركين قادمة من الطائف إلى مكَّة معها بضائع فاستعجل بَعْض المُسْلمين،
وقتلوا رجلاً من المُشْركين يُقال له ابن الحضرمي، وهذا في شهر ذي القعدة وهو من
الأشهر الحرم التي حرَّم اللهُ فيها القتال، وهذه غلطة حصلت من بَعْض المُسْلمين
طار بها الكفَّار فرحًا، وقالوا: مُحمَّد وأصحابه يستحلون الأشهر الحرم ويقتلون
فيها.
وأصاب المُسْلمين الذين حصل منهم هذا الخطأ غَمٌّ وهَمٌّ شديدٌ، فأنزل الله هذه الآية: ﴿يَسَۡٔلُونَكَ عَنِ ٱلشَّهۡرِ ٱلۡحَرَامِ قِتَالٖ فِيهِۖ قُلۡ قِتَالٞ فِيهِ كَبِيرٞۚ﴾ [البقرة: 217] الله ذكر أن هذا خطأ كبير، ولا يَجُوز لا من المُسْلمين ولا من غيرهم، وهذا هو العدل أن الخطأ خطأ ممن كان ولو كان من الصَّحابَة، فهذه غلطة بلا شك، لكن أنتم أيها المُشْركون كم عندكم من الأغلاط؟ فكيف تعيرون المُسْلمين بغلطة واحدة، وأنتم عندكم أغلاط فظيعة؟! ولهذا قال: ﴿وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ﴾ [البقرة: 217] أليس الكفَّار يصدون عن سبيل
الصفحة 1 / 207