الدَّلِيل السادس عشر: قوله تعَالى: ﴿وَمِنَ
ٱلنَّاسِ مَن يَعۡبُدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ حَرۡفٖۖ فَإِنۡ أَصَابَهُۥ خَيۡرٌ ٱطۡمَأَنَّ
بِهِۦۖ وَإِنۡ أَصَابَتۡهُ فِتۡنَةٌ ٱنقَلَبَ عَلَىٰ وَجۡهِهِۦ خَسِرَ ٱلدُّنۡيَا
وَٱلۡأٓخِرَةَۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡخُسۡرَانُ ٱلۡمُبِينُ﴾ [الحج: 11].
فأخبر تعَالى
أن: ﴿وَمِنَ
ٱلنَّاسِ مَن يَعۡبُدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ حَرۡفٖۖ﴾ [الحج: 11] أي:
على طرف ﴿فَإِنۡ أَصَابَهُۥ خَيۡرٌ﴾ [الحج: 11] أي:
نصر وعز وصحة وسعة وأمن وعافية، ونحو ذلك ﴿ٱطۡمَأَنَّ
بِهِۦۖ﴾ [الحج: 11] أي: ثبت وقال: هذا دين حسن ما رأينا
فيه إلا خيرًا ﴿وَإِنۡ أَصَابَتۡهُ فِتۡنَةٌ﴾ [الحج: 11] أي:
خَوْف ومَرض وفقر ونحو ذلك، ﴿ٱنقَلَبَ عَلَىٰ وَجۡهِهِۦ﴾ [الحج: 11] أي:
ارتد عن دينه ورجع إلى أهل الشِّرك.
****
قال
تعَالى: ﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ﴾ [الحج: 11] أي بَعْض النَّاس، ﴿مَن يَعۡبُدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ حَرۡفٖۖ﴾ [الحج: 11] يعني: على طرفٍ من الدِّين، لم يتمكن
الإِيمَان من قلبه، أو ليس في قلبه إِيمَان ولكنه أسلم لأجل المعيشة في الدُّنيا؛
كحالة المُنَافقِين الذين قال الله تعَالى فيهم: ﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ
فَإِذَآ أُوذِيَ فِي ٱللَّهِ جَعَلَ فِتۡنَةَ ٱلنَّاسِ كَعَذَابِ ٱللَّهِۖ
وَلَئِن جَآءَ نَصۡرٞ مِّن رَّبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمۡۚ أَوَ لَيۡسَ
ٱللَّهُ بِأَعۡلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ ٱلۡعَٰلَمِينَ ١٠وَلَيَعۡلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ
ءَامَنُواْ وَلَيَعۡلَمَنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ ١١﴾
[العنكبوت: 10، 11].
فالله
سبحانه وتعالى لا يخفى عليه شيء، ويعامل النَّاس بحسب نياتهم ومقاصدهم، أما نَحْن
فنعامل النَّاس بحسب ما أظهروه لنا، فمن أظهر الإِسْلام قبلناه حتَّى يتبين منه ما
ينافي ظاهره فيعامل معاملة المرتد، أما من لم يظهر لنا من شيء ينقض إسلامه فإننا
نقبله ونَكِلُ سريرته إلى الله عز وجل فإن كان صادقًا في إِيمَانه أعطاه الله أجر
المُؤْمِنين، وإن كان
الصفحة 1 / 207