الدَّلِيل الثامن: قوله تعَالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا
ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ ٱلۡيَهُودَ وَٱلنَّصَٰرَىٰٓ أَوۡلِيَآءَۘ
بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٖۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ
مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّٰلِمِينَ﴾ [المائدة: 51].
فنهى سُبحَانَه
المُؤْمِنين: عن اتخاذ اليَهُود والنَّصارَى أَوليَاء، وأخبر: أن من تولاهم من المُؤْمِنين
فهو منهم، وهكذا حكم من تولى الكفَّار من المَجُوس وعباد الأَوثَان، فهو منهم.
فإن جادل مجادل في
أن عِبَادَة القِبَاب، ودعاء الأَموَات مع الله ليْس بشِركٍ، وأن أهلها ليسوا
بمشركين. بان أمره، واتضح عناده وكفره.
ولم يفرق تبارك
وتعالى بين الخَائِف وغيره، بل أخبر تعَالى أن الذين في قُلُوبهم مَرض يفعلون ذلكم
خَوْفًا من الدَّوَائِر، وهكذا حال هَؤُلاءِ المُرتَدِّين خافوا من الدَّوَائِر،
وزال ما في قُلُوبهم من الإِيمَان بوعد الله الصَّادق بالنصر لأَهل التَّوحِيد،
فبادروا وسارعوا إلى أهل الشِّرك، خَوْفًا أن تصيبهم دَائرَة، قال تَعالَى: ﴿فَعَسَى
ٱللَّهُ أَن يَأۡتِيَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرٖ مِّنۡ عِندِهِۦ فَيُصۡبِحُواْ
عَلَىٰ مَآ أَسَرُّواْ فِيٓ أَنفُسِهِمۡ نَٰدِمِينَ﴾ [المائدة: 52]
****
قال تعَالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ ٱلۡيَهُودَ وَٱلنَّصَٰرَىٰٓ أَوۡلِيَآءَۘ﴾ اليَهُود والنَّصارَى وهم أهل كتاب لا تتخذوهم أَوليَاء؛ لأنهم كفروا بمُحمَّد صلى الله عليه وسلم، ومن كفر بنبي واحد فهو كَافِر بكل الأَنبيَاء، فهم كفروا بمُحمَّد، واليَهُود كفروا بعِيسَى وجحدوا رسالته وبمُحمَّد صلى الله عليه وسلم، والنَّصارَى غلوا في عِيسَى وجعلوه إلهًا، وجعلوه ابن الله أو ثالث ثلاثة، أو قالوا: إن الله هو المَسِيح ابن مَريَم.
الصفحة 1 / 207