·
ومثل هَؤُلاءِ نرد عليهم من
وجوه:
الوجه
الأول: إن اليَهُود لا يَعبُدون الله وحده، ولا يؤمنون بجميع
الرُّسل، فهم كفار مشركون، والنَّصارَى كذلك يَعبُدون المَسِيح ويَقولُون: هو ثالث
ثلاثة، أو ابن الله، أو هو الله. تعَالى الله عما يَقولُون، فهم لا يَعبُدون الله،
وليسوا على دين.
الوجه
الثَّاني: إنه بعد مجيء الرَّسُول صلى الله عليه وسلم لم يبق دين
إلا دينه، وجميع الأَديَان نُسخت وانتهت ببعثة الرَّسُول صلى الله عليه وسلم،
فأوجب الله على جميع البشر أن يطيعوا هذا الرَّسُول، فمَنْ لم يُطعه فإنه كَافِرٌ
من أي نوع كان ومن أي ملةٍ كان، وإن زعم أنه يعبُدُ اللهِ، أو زعم أنه تابعٌ
لمُوسَى أو لعِيسَى، ومن زعم منهم أنه تابع لعِيسَى أو مُوسَى فقد كذب؛ لأن مُوسَى
وعِيسَى عليهما السلام أُخِذ عليهما العهد أنه إذا بُعث مُحمَّد فإنه يجب عليهما
اتباعه؛ كما أخبر الله عز وجل بذلك، فقال: ﴿وَإِذۡ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَٰقَ ٱلنَّبِيِّۧنَ لَمَآ
ءَاتَيۡتُكُم مِّن كِتَٰبٖ وَحِكۡمَةٖ ثُمَّ جَآءَكُمۡ رَسُولٞ مُّصَدِّقٞ لِّمَا
مَعَكُمۡ لَتُؤۡمِنُنَّ بِهِۦ وَلَتَنصُرُنَّهُۥۚ﴾
[آل عمران: 81]، فأخذ الله الميثاق على كل نبيٍّ أنه لو بُعث مُحمَّد صلى الله
عليه وسلم وهو حي فإنه يتبعه، وقال تعَالى: ﴿ٱلنَّبِيَّ ٱلۡأُمِّيَّ ٱلَّذِي يَجِدُونَهُۥ مَكۡتُوبًا
عِندَهُمۡ فِي ٱلتَّوۡرَىٰةِ وَٱلۡإِنجِيلِ يَأۡمُرُهُم بِٱلۡمَعۡرُوفِ
وَيَنۡهَىٰهُمۡ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَيُحَرِّمُ
عَلَيۡهِمُ ٱلۡخَبَٰٓئِثَ﴾
[الأعراف: 157] إلى قوله تعَالى: ﴿فَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِهِۦ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ
وَٱتَّبَعُواْ ٱلنُّورَ ٱلَّذِيٓ أُنزِلَ مَعَهُۥٓ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ﴾ [الأعراف: 157]، هذا الموجود في التَّورَاة والإِنجِيل،
فهم كذبوا في قولهم: إنهم يتبعون مُوسَى، أو يتبعون عِيسَى.
وهناك
من يقول: نرجع إلى دين إِبرَاهِيم عليه السلام، ما نريد يَهُوديَّةً
ولا نصْرَانيَّةً ولا إسلامًا، بل نرجع إلى دين إِبرَاهِيم.
الصفحة 1 / 207