الدَّلِيل الخامس عشر: قوله تعَالى عن أهل الكهف:﴿إِنَّهُمۡ
إِن يَظۡهَرُواْ عَلَيۡكُمۡ يَرۡجُمُوكُمۡ أَوۡ يُعِيدُوكُمۡ فِي مِلَّتِهِمۡ
وَلَن تُفۡلِحُوٓاْ إِذًا أَبَدٗا﴾ [الكهف: 20].
فذكر تعَالى عن
أهل الكهف أنهم ذكروا عن المُشْركين: إن قهروكم وغلبوكم فهم بين أمرين:
إما أن يرجموكم،
أي: يقتلوكم شرَّ قِتْلة بالرجم، وإمَّا أن يعيدوكم في ملتهم ودينهم ﴿وَلَن
تُفۡلِحُوٓاْ إِذًا أَبَدٗا﴾ [الكهف: 20] أي: وإن وافقتموهم على دينهم بعد أن
غلبوكم وقهروكم، فلن تفلحوا إذن أبدًا.
فهذا حال من
وافقهم بعد أن غلبوه، فكيف بمن وافقهم وراسلهم من بعيد، وأجابهم إلى ما طلبوا من
غير غلبة ولا إِكرَاه، ومع ذلك يحسبون أنهم مهتدون؟!
****
لا يفقهونها، والطبع على القلب هو وضع حجاب عليه
مختوم بطابع، بحيث لا يُفكّ هذا الحجاب عنه ولا يصل إليه النور.
قوله:
«ثم أخبر خبرًا مؤكدًا محققًا أنهم في
الآخِرَة هم الخاسرون» وهم يظنون أنهم في الدُّنيا حازوا على الغنيمة
والسَّلامة، ولو فرضنا أنهم حازوا على ذلك في الدُّنيا، لكنهم في الآخِرَة هم
الخاسرون، ولا ينفعهم ما حصلوا عليه من الدُّنيا؛ لأن الدُّنيا سريعة الزوال،
والآخِرَة باقية على الدوام.
أهل
الكهف؛ كما قال جل وعلا: ﴿إِنَّهُمۡ فِتۡيَةٌ ءَامَنُواْ بِرَبِّهِمۡ﴾ [الكهف: 13]، وكان قومهم على الشِّرك، فأنكروا الشِّرك،
ولكنهم خشوا أن يصرفهم الكفَّار عن دينهم؛ فخَرجُوا من البلد فارين بدينهم،
الصفحة 1 / 207