الدَّلِيل الحَادي عشر: قوله تعَالى: ﴿وَإِنَّ
ٱلشَّيَٰطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىٰٓ أَوۡلِيَآئِهِمۡ لِيُجَٰدِلُوكُمۡۖ وَإِنۡ
أَطَعۡتُمُوهُمۡ إِنَّكُمۡ لَمُشۡرِكُونَ﴾ [الأنعام: 121]،
وهذه الآية نزلت لما قال المُشْركون: تأكلون ما قتلتم ولا تأكلون ما قتل الله،
فأنزل الله هذه الآية.
فإذا كان من أطاع
المُشْركين في تحليل المَيتَة مشركًا من غير فرق بين الخَائِف وغيره إلا المُكره،
فكيف بمن أطاعهم في تحليل موالاتهم، والكون مَعهُم ونصرهم، والشَّهادة أنهم على
حق، واستحلال دماء المُسْلمين وأموالهم، والخروج عن جماعة المُسْلمين إلى جماعة
المُشْركين؟ فهَؤُلاءِ أولى بالكُفْر والشِّرك ممن وافقهم على أن المَيتَة حلال.
****
قوله: «هَؤُلاءِ المُرتَدِّين»، يعني: الذين ارتدُّوا مع الفِتنَة في بِلاَد
نجد، لما هاجت الفِتنَة وجاء العَدُو بجيوشه الجرَّارة ارتدوا عن الدِّين، يريدون
السَّلامة بزعمهم، فباعوا دينهم وتصانعوا مع الأَعدَاء حتَّى يَسْلَمُوا من شرهم،
ولكن انعكس الأَمر عليهم، وعاد الدِّين كما كان، وانتصر الإِسْلام وأهله، ورحل
الذين كانوا يعلقون عليهم الآمال وتركوهم، ولم يبق لهم إلا الخَيبة والحسرة
والندامة في الدُّنيا والآخِرَة.
قوله:
«الدَّلِيل الحَادي عشر:» قوله
تعَالى: ﴿وَإِنۡ
أَطَعۡتُمُوهُمۡ إِنَّكُمۡ لَمُشۡرِكُونَ﴾
[الأنعام: 121]، ومحل الشاهد من هذه الآية قوله تعَالى: ﴿إِنَّكُمۡ لَمُشۡرِكُونَ﴾
[الأنعام: 121]، فقد كانوا في الجَاهِليَّة يأكلون المَيتَة ولا يشترطون الزَّكاة،
والمَيتَة خبيثة وأكلها حرام؛ لما فيها من التغذية السيئة، والأمراض الخبيثة، فهي
خبيثة في الأثر وفي نفسها أَيضًا،
الصفحة 1 / 207