الدَّلِيل العشرون: قوله تعَالى: َ ﴿يَٰٓأَيُّهَا
ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمۡ أَوۡلِيَآءَ
تُلۡقُونَ إِلَيۡهِم بِٱلۡمَوَدَّةِ وَقَدۡ كَفَرُواْ بِمَا جَآءَكُم مِّنَ ٱلۡحَقِّ
يُخۡرِجُونَ ٱلرَّسُولَ وَإِيَّاكُمۡ أَن تُؤۡمِنُواْ بِٱللَّهِ رَبِّكُمۡ إِن
كُنتُمۡ خَرَجۡتُمۡ جِهَٰدٗا فِي سَبِيلِي وَٱبۡتِغَآءَ مَرۡضَاتِيۚ تُسِرُّونَ
إِلَيۡهِم بِٱلۡمَوَدَّةِ وَأَنَا۠ أَعۡلَمُ بِمَآ أَخۡفَيۡتُمۡ وَمَآ
أَعۡلَنتُمۡۚ وَمَن يَفۡعَلۡهُ مِنكُمۡ فَقَدۡ ضَلَّ سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ﴾ [الممتحنة: 1].
فأخبر تعَالى: أن
من تولى أَعدَاء اللهِ وإن كانوا أقرباء ﴿فَقَدۡ
ضَلَّ سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ﴾ [الممتحنة: 1] أي: أخطأ الصِّرَاط المستقيم، وخرج
عنه إلى الضَّلال، فأين هذا ممن يدعي أنه الصِّرَاط المستقيم لم يخرج عنه!! فإن
هذا تكذيب لله، ومن كذب الله فهو كَافِر، واستحلال لما حرَّم اللهُ من ولاية
الكفَّار، ومن استحلَّ مُحرَّمًا، فهو كَافِر.
ثم ذكر تعَالى
شبهة مَنِ اعتذر بالأَرحَام والأَولاَد؛ فقال: ﴿لَن
تَنفَعَكُمۡ أَرۡحَامُكُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُكُمۡۚ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ يَفۡصِلُ
بَيۡنَكُمۡۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ﴾ [الممتحنة: 3]،
فلم يعذر تعَالى من اعتذر بالأَرحَام والأَولاَد، والخَوْف عليها ومَشقَّة
مفارقتها؛ بل أخبر أنها لا تنفع يوم القيَامَة، ولا تغني من عذَاب الله شيئًا، كما
قال تعَالى في الآية الأخرى: ﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي ٱلصُّورِ
فَلَآ أَنسَابَ بَيۡنَهُمۡ يَوۡمَئِذٖ وَلَا يَتَسَآءَلُونَ﴾ [المُؤْمِنون:
101].
****
قوله
تعَالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا
ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي﴾
[الممتحنة: 1] سبب نزول هذه السورة الحَادثة التي حصلت في غزوة الفتح، وذلك أن
النَّبي صلى الله عليه وسلم خرج في رمضان غازيًا أهل مكَّة لما خانوا العهد الذي
أبرموه مع النَّبي صلى الله عليه وسلم في الحديبية وناصروا أَعدَاء الرَّسُول صلى
الله عليه وسلم؛ حيث ناصروا
الصفحة 1 / 207