الدَّلِيل الرابع عشر: ﴿مَن
كَفَرَ بِٱللَّهِ مِنۢ بَعۡدِ إِيمَٰنِهِۦٓ إِلَّا مَنۡ أُكۡرِهَ وَقَلۡبُهُۥ مُطۡمَئِنُّۢ
بِٱلۡإِيمَٰنِ وَلَٰكِن مَّن شَرَحَ بِٱلۡكُفۡرِ صَدۡرٗا فَعَلَيۡهِمۡ غَضَبٞ مِّنَ
ٱللَّهِ وَلَهُمۡ عَذَابٌ عَظِيمٞ ١٠٦ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمُ ٱسۡتَحَبُّواْ ٱلۡحَيَوٰةَ
ٱلدُّنۡيَا عَلَى ٱلۡأٓخِرَةِ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡكَٰفِرِينَ
١٠٧﴾ [النحل: 106- 107].
فحكم تعَالى حكمًا
لا يُبدل أنَّ من رجع عن دينه إلى الكُفْر، فهو كَافِر، سواءٌ كان له عذر خَوْفًا
على نفس أو مال أو أهل، أم لا، وسواءً كفر بباطنه أم بظاهره دون باطنه، وسواء كفر
بفعاله ومقاله أم بأحدهما دون الآخر، وسواءٌ كان طامعًا في دنيا ينالها من
المُشْركين أم لا، فهو كَافِر على كل حال، إلا المكره، وهو في لغتنا: المغصوب.
فإذا أكره
الإِنْسَان على الكُفْر وقيل له: اكفر وإلا قتلناك أو ضربناك، أو أخذه المُشْركون
فضربوه، ولم يمكنه التخلص إلا بموافقتهم، جاز له موافقتهم في الظَّاهِر، بشرط أن
يكون قلبه مطمئنًّا بالإِيمَان، أي: ثابتًا عليه، معتقدًا له، فأما إن وافقهم
بقلبه فهو كَافِر ولو كان مكرهًا.
****
قال تعَالى: ﴿مَن كَفَرَ بِٱللَّهِ مِنۢ بَعۡدِ إِيمَٰنِهِۦٓ إِلَّا
مَنۡ أُكۡرِهَ﴾ [النحل: 106]، والذي يكفر
بالله بعد إِيمَانه هو المرتد؛ لأنه ارتكب ناقضًا مِن نَواقِضِ الإِسْلام، وصار
كَافِرًا، بل المرتد شرٌّ من الكَافِر الأصلي؛ ولذلك يُقتل المرتد حدًّا؛ لأنه
متلاعب بالدِّين، وقتله من أجل حماية العَقِيدَة وصيانتها من التلاعب، فمن دخل في
الإِسْلام عن اقتناع وعقيدة
الصفحة 1 / 207