الدَّلِيل الخامس: قوله تعَالى: ﴿أَفَمَنِ
ٱتَّبَعَ رِضۡوَٰنَ ٱللَّهِ كَمَنۢ بَآءَ بِسَخَطٖ مِّنَ ٱللَّهِ وَمَأۡوَىٰهُ
جَهَنَّمُۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ﴾ [آل عمران: 162].
فأخبر تعَالى: أنه
لا يستوي من اتبع رضوان الله، ومن اتبع ما يسخطه ومأواه جَهنَّم يوم القيَامَة.
ولا ريب أن عِبَادَة الرَّحمَن وحده ونصرها، وكون الإِنْسَان من أهلها: من رضوان
الله، وأن عِبَادَة القِبَاب والأَموَات ونصرها والكون من أهلها: مما يسخط الله،
فلا يستوي عند الله من نصر توحيده ودعوته بالإِخلاَص، وكان مع المُؤْمِنين، ومن
نصر الشِّرك ودَعْوة الأَموَات وكان مع المُشْركين.
فإن قالوا:
خفنا!!. قيل لهم: كذبتم وأَيضًا: فما جعل الله الخَوْف عذرًا في اتباع ما يسخطه،
واجتناب ما يرضيه.
وكَثِيرا من أهل
البَاطِل: إنما يتركون الحق خَوْفًا من زوال دنياهم، وإلا فيعرفون الحق ويعتقدونه،
ولم يكونوا بذلك مسلمين.
****
قوله
تعَالى: ﴿أَفَمَنِ
ٱتَّبَعَ رِضۡوَٰنَ ٱللَّهِ﴾
[آل عمران: 162] هذا استفهام إنكاري ﴿كَمَنۢ بَآءَ﴾
[آل عمران: 162] أي رجع ﴿بِسَخَطٖ
مِّنَ ٱللَّهِ﴾ [آل عمران: 162] لا يستوون
أبدًا، والذي اتبع رضوان الله جل وعلا هو المتمسك بدينه، والذي تخلى عن دينه هو
الذي رجع بسخط من الله ﴿وَمَأۡوَىٰهُ
جَهَنَّمُۖ﴾ [آل عمران: 162] مصيره النَّار
- والعِيَاذ باللهِ - في الدار الآخِرَة، ﴿وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ﴾.
[آل عمران: 162]
فهذه
مقارنة بين من تخلَّى وأطاع الكفَّار في التَّخلِّي عن دينه، وبين من ثبت على دينه
وصبر على البلاء ونال رضوان الله جل وعلا.
الصفحة 1 / 207