وهل نفعه تنازله عن دينه وطاعته للكفَّار؟ الجَواب:
ما نفعه شيئًا، وإنما باع دينه - والعِيَاذ باللهِ - أما الذي ثبت على دينه وصبر
على المحنة فإنه نال رضا الله جل وعلا عنه، ففرق بين من يرضى الله عنه ومن يسخط
عليه.
قوله:
«فأخبر تعَالى: أنه لا يستوي من اتبع
رضوان الله، ومن اتبع ما يسخطه ومأواه جَهنَّم يوم القيَامَة» والله إنما يرضى
عمَّن تمسَّك بدينه ولم يَتنَازَل عنه بحال من الأَحوَال، هذا هو الذي اتبع رضوان
الله جل وعلا، والذي يرجع بالسخط هو الذي يَتنَازَل عن دينه ولا يصبر على ما يصيبه
من العَدُو، والابتلاء والامتحان يجريان على العباد لأجل أن يتميز هذا من هذا،
وإلا لو كانت الدُّنيا رخاءً دائمًا ما تميز المُؤْمِن من المنافق والصَّادق من
الكاذب، فهذه المحن وهذا التسلط من الأَعدَاء يجريه الله جل وعلا لأجل أن يتميز
الصَّادق من الكاذب، كما في قوله تعَالى: ﴿أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ أَن يُتۡرَكُوٓاْ أَن يَقُولُوٓاْ ءَامَنَّا
وَهُمۡ لَا يُفۡتَنُونَ ٢وَلَقَدۡ فَتَنَّا ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۖ
فَلَيَعۡلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَلَيَعۡلَمَنَّ ٱلۡكَٰذِبِينَ ٣﴾ إلى قوله تعَالى: ﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ
فَإِذَآ أُوذِيَ فِي ٱللَّهِ جَعَلَ فِتۡنَةَ ٱلنَّاسِ كَعَذَابِ ٱللَّهِۖ
وَلَئِن جَآءَ نَصۡرٞ مِّن رَّبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمۡۚ أَوَ لَيۡسَ
ٱللَّهُ بِأَعۡلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ ٱلۡعَٰلَمِينَ ١٠وَلَيَعۡلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ
ءَامَنُواْ وَلَيَعۡلَمَنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ ١١﴾
[العنكبوت: 2- 11].
فالحكمة
ظاهرة في إجراء هذه المحن وتسلط الكفَّار على المُسْلمين في بَعْض الأحيان، وهي:
أن يتميز الثابت على إِيمَانه الصَّادق في دينه