الدَّلِيل الرابع: قوله تعَالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا
ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن تُطِيعُواْ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَرُدُّوكُمۡ عَلَىٰٓ
أَعۡقَٰبِكُمۡ فَتَنقَلِبُواْ خَٰسِرِينَ﴾ [آل عمران: 149].
فأخبر تعَالى: أن
المُؤْمِنين إن أطاعوا الكفَّار، فلا بُدَّ أن يردوهم على أعقابهم عن الإِسْلام؛
فإنهم لا يقنعون منهم بدون الكُفْر، وأخبر أنهم إن فعلوا ذلك، صاروا من الخاسرين
في الدُّنيا والآخِرَة، ولم يرخص في موافقتهم وطاعتهم خَوْفًا منهم.
وهذا هو الواقع؛
فإنهم لا يقتنعون ممن وافقهم إلا بشهادة أنهم على حق، وإِظهَار العَداوَة
والبَغضَاء للمُسْلمين، وقطع اليد منهم.
ثم قال تعَالى: ﴿بَلِ
ٱللَّهُ مَوۡلَىٰكُمۡۖ وَهُوَ خَيۡرُ ٱلنَّٰصِرِينَ﴾ [آل عمران: 150]
ففي ولايته وطاعته غنية وكفاية عن طاعة الكفَّار.
فيا حسرة على
العباد: الذين عرفوا التَّوحِيد، ونشئوا فيه، ودانوا به زمانًا. كيف خَرجُوا عن
ولاية رب العَالَمِين، وخير الناصرين. إلى ولاية القِبَاب وأهلها، ورضوا بها بدلاً
عن ولاية من بيده ملكوت كل شيء...؟!! بئس للظالمين بدلاً.
****
قوله تعَالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ﴾ [آل عمران: 149] هذا نداء من الله للمُؤْمِنين ﴿إِن تُطِيعُواْ
ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ﴾ [آل
عمران: 149] فيما يطلبون منكم من التَّخلِّي عن دينكم ﴿يَرُدُّوكُمۡ عَلَىٰٓ أَعۡقَٰبِكُمۡ﴾ [آل عمران: 149]، يعني: يردوكم عن الدِّين، فدل على أن
طاعة الكفَّار في التَّخلِّي عن دِين الإِسْلام ردة؛ لأن الله قال: ﴿يَرُدُّوكُمۡ
عَلَىٰٓ أَعۡقَٰبِكُمۡ﴾
[آل عمران: 149] فإذا أطعنا الكفَّار وتخلينا عن ديننا أو عن شيء منه؛ كما لو
قالوا لنا: لا تصلوا. فأطعناهم، لكنا بذلك مرتدين والعِيَاذ باللهِ،
الصفحة 1 / 207