فالله أمرنا ألا نطيعهم، ولا نتخلى عن شيء من
ديننا، فإن تخلينا عن شيء من ديننا طاعة للكفَّار فهذه ردة.
فالواجب
على المُسْلمين الثبات على دينهم مهما كلفهم الأمر، ولا يتراجعوا عن شيءٍ من
دينهم؛ لأن هذا هو المُداهنَة، أما أنهم يجيبون الكفَّار في الأُمُور التي ليست من
الدِّين، بأن يعطوهم شيئًا من المَال، أو بإِظهَار شيء من المعاشرة الظَّاهِرة مع
طمأنينة القلب بعداوتهم، فهذا مرخصٌ فيه، وتركه أولى، لكن أن نعطيهم شيئًا من
ديننا تحت تهديدهم، فهذا أمر لا يجوز، ومن فعله فقد ارتد عن دِين الإِسْلام.
قوله:
«فأخبر تعَالى: أن المُؤْمِنين إن أطاعوا
الكفَّار، فلا بُدَّ أن يردوهم على أعقابهم عن الإِسْلام»؛ لأن الكفَّار ما
يرضيهم أن تعطيهم الدُّنيا، ولا يرضون إلا بأن يرتد المُسلِمُون عن دينهم؛ كما قال
تعَالى: ﴿وَلَن
تَرۡضَىٰ عَنكَ ٱلۡيَهُودُ وَلَا ٱلنَّصَٰرَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمۡۗ﴾ [البقرة: 120]، وقال سبحانه وتعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ
ءَامَنُوٓاْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقٗا مِّنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ
يَرُدُّوكُم بَعۡدَ إِيمَٰنِكُمۡ كَٰفِرِينَ ١٠٠وَكَيۡفَ تَكۡفُرُونَ وَأَنتُمۡ تُتۡلَىٰ
عَلَيۡكُمۡ ءَايَٰتُ ٱللَّهِ وَفِيكُمۡ رَسُولُهُۥۗ وَمَن يَعۡتَصِم بِٱللَّهِ
فَقَدۡ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ ١٠١﴾
[آل عمران: 100- 101]، فدل على أن المُسْلمين لا يَجُوز لهم بحال من الأَحوَال أن
يَتنَازَلوا عن شيء من دينهم مهما كلفهم الأمر، ومن فعل ذلك فقد ارتد عن الإِسْلام،
أما أن يجيبهم المسلم بأشياء في غير الدِّين؛ في الأموال، أو في الكَلام، أو في
الأُمُور الظَّاهِرة التي ليست من الدِّين، فهذا لا بأس به عند الحاجة أو عند
الضَّرورَة.