×

الدَّلِيل التاسع: قوله تعَالى: ﴿تَرَىٰ كَثِيرٗا مِّنۡهُمۡ يَتَوَلَّوۡنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۚ لَبِئۡسَ مَا قَدَّمَتۡ لَهُمۡ أَنفُسُهُمۡ أَن سَخِطَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ وَفِي ٱلۡعَذَابِ هُمۡ خَٰلِدُونَ [المائدة: 80]، فذكر الله تعَالى أن موالاة الكفَّار موجبة لسخط الله، والخُلُود في العذَاب بمجردها، إن كان الإِنْسَان خَائِفا، إلاَّ من أُكره بشرطه، فكيف إذا اجتمع ذلك مع الكُفْر الصَّريح، وهو معاداة التَّوحِيد وأهله، والمعاونة على زوال دَعْوة الله بالإِخلاَص، وعلى تثبيت دَعْوة غيره؟!

****

قوله تعَالى: ﴿تَرَىٰ كَثِيرٗا مِّنۡهُمۡ [المائدة: 80] أي: اليَهُود ﴿يَتَوَلَّوۡنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۚ [المائدة: 80]، مع أن اليَهُود أهل كتاب وأهل دين وأتباع ملة، فإنهم يتولَّون الكفَّار الذين لا دين لهم، وهم أَعدَاء للرُّسُل وأَعدَاء للكتب، يتولونهم: يعني يحبُّونهم بقُلُوبهم، ويناصرونهم، ويعينونهم، مع أنه كان المفروض أن يتبرءوا منهم؛ لأنهم أَعدَاء دينهم، وأَعدَاء رسل الله، وأَعدَاء الكتب، فكان الواجب أنهم يتبرءون منهم، فلا يحبونهم ولا يناصرونهم فيتميزون عنهم، لكنهم بالعكس ﴿يَتَوَلَّوۡنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۚ [المائدة: 80]، والتولِّي: هو المحبَّة والمناصرة وغير ذلك من الميول القلبية والفعلية إلى الكفَّار.

قال جل وعلا: ﴿لَبِئۡسَ مَا قَدَّمَتۡ لَهُمۡ أَنفُسُهُمۡ [المائدة: 80] لبئس: اللام موطئة للقسم، والقسم هنا محذوف؛ كأن التقدير - والله أعلم -: والله لبئس ما قدمت لهم أنفسهم من موالاة الكفَّار، فدل على أن من أحب الكفَّار ووالاهم فقد قدّمت له نفسه شرًّا، ما الذي قدمت؟ ﴿أَن سَخِطَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ وَفِي ٱلۡعَذَابِ هُمۡ خَٰلِدُونَ [المائدة: 80]، ذكر سُبحَانَه عقوبتين:


الشرح