فإنه
لا يَجُوز له أن يرتد عنه؛ لأنه ما دخل فيه إلا وقد اعْتَرَف أنه حقٌّ، فإذا ارتدّ
عنه فقد كذّب بالحق بعد معرفته؛ فلذلك لا يصلح للبقاء لأنه متلاعب بدين الله عز
وجل وحد المرتد أن يُقتل.
إلا
إن كان له شبهات أو له أسباب أو كان جاهلاً، فإنه ينَاقش ويستتاب حتَّى يزول عذره
- عذر الجَهل، أو الشبهة - وإن كان مكرهًا يُعرف أنه مكره فإنه لا يحكم عليه
بالرِّدَّة؛ لأن الله عز وجل رخص له بما يزيل عنه الإِكرَاه.
فالمقصود
أن المرتد يُناقش ويستتاب لأجل أن يزول عذره، فإن أبى أن يرجع إلى الإِسْلام
وأصرَّ على الرِّدَّة فإنه يُقتل.
قوله:
﴿إِلَّا مَنۡ
أُكۡرِهَ وَقَلۡبُهُۥ مُطۡمَئِنُّۢ بِٱلۡإِيمَٰنِ﴾
[النحل: 106] هذه جملة معترضة، فجواب﴿مَن﴾
أو خبر المبتدأ في قوله: ﴿مَن كَفَرَ﴾
[النحل: 106]، هو قوله: ﴿فَعَلَيۡهِمۡ غَضَبٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَلَهُمۡ عَذَابٌ
عَظِيمٞ﴾ [النحل: 106] ما السَّبب؟ الجَواب:
﴿ذَٰلِكَ
بِأَنَّهُمُ ٱسۡتَحَبُّواْ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا عَلَى ٱلۡأٓخِرَةِ﴾ [النحل: 107] هذا هو السَّبب أنهم استحبوا الحَيَاة
الدُّنيا على الآخِرَة؛ أي ارتدوا عن دينهم من أجل أن ينالوا طمعًا من الكفَّار؛
طمعًا في مال أو جاهٍ أو وظيفةٍ، أو أي طمع في أي شيء من أطماع الدُّنيا.
فمن
ارتدَّ عن دينه من أجل ذلك فهو ممن ﴿ٱسۡتَحَبُّواْ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا عَلَى ٱلۡأٓخِرَةِ﴾ [النحل: 107]، وقد توعَّده الله جل وعلا بأن يحل عليه
غضبه وأن يعذِّبَه عذَابًا عظيمًا ﴿وَأَنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡكَٰفِرِينَ﴾ [النحل: 107]، حكم سُبحَانَه بكفره وأخبر أنه لا
يوفِّقه للرجوع إلى الإِسْلام عقوبة له.