كاذبًا في إِيمَانه جازاه الله جزاء
المُنَافقِين، فهو وإن سَلِمَ مِنَّا لا يَسْلَم من الله عز وجل حتَّى يكون ظاهره
وباطنه على الإِيمَان من غير نفاق، ولهذا قال: ﴿فَإِنۡ أَصَابَهُۥ خَيۡرٌ ٱطۡمَأَنَّ بِهِۦۖ﴾ [الحج: 11] طمع من الدُّنيا ﴿ٱطۡمَأَنَّ بِهِۦۖ﴾
[الحج: 11] اطمأن بهذا الخير، وقال: هذا الدِّين فيه خير وفيه غبطة. لما يعيش فيه
من نعمة وأمن واستقرار، ﴿وَإِنۡ
أَصَابَتۡهُ فِتۡنَةٌ﴾ [الحج:
11] أي: ابتلاء وامتحان من أجل دينه ﴿ٱنقَلَبَ عَلَىٰ وَجۡهِهِۦ﴾
[الحج: 11]، فظهر ما كان يُكنُّه في نفسه من الشك والريب والنِّفَاق؛ لأن الخفايا
تظهر عند الشدائد والمحن.
وهذه
هي الحكمة من إجراء الله الفتن على العباد وامتحان العباد من أجل أن يظهر الصَّادق
من الكاذب، والمُؤْمِن من المنافق، وقال جل وعلا: ﴿الٓمٓ ١أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ أَن يُتۡرَكُوٓاْ أَن يَقُولُوٓاْ
ءَامَنَّا وَهُمۡ لَا يُفۡتَنُونَ ٢وَلَقَدۡ فَتَنَّا ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۖ فَلَيَعۡلَمَنَّ
ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَلَيَعۡلَمَنَّ ٱلۡكَٰذِبِينَ ٣﴾ [العنكبوت: 1-3] فالله يجري الامتحان والابتلاء في هذه
الدُّنيا ليميز الصَّادق في إِيمَانه الذي يثبت عند الشدائد والمحن من الذي ينقلب
على عقبيه ويتخلى عن هذا الدِّين.
وهذا
هو ما حصل في هذه الفِتنَة التي جرت في وقت الشَّيخ رحمه الله على أهل نجد، فإنهم
كان فيهم من المُنَافقِين والأعراب من كان يعيش مَعهُم ويتستر بستر الإِسْلام
وينال من الخير، فلما جاءت الفِتنَة والجُيُوش الجرارة على أَهل التَّوحِيد انكشفت
حقائقهم وانضموا إلى جيوش المحاربين لأَهل التَّوحِيد، وصاروا مَعهُم، فظهر ما
كانوا يخفون