قوله تعَالى: ﴿وَلَا يَزَالُونَ يُقَٰتِلُونَكُمۡ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمۡ
عَن دِينِكُمۡ﴾ [البقرة: 217] هذه جريمة أخرى
أنهم لا يزالون يقاتلون المُسْلمين إلى أن تقوم السَّاعة، من أجل ماذا؟ هل من أجل
أموالهم أو بِلاَدهم؟ لا، بل ﴿حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمۡ عَن دِينِكُمۡ﴾ [البقرة: 217] لا يقاتلونكم من أجل الأموال أو من أجل
البلد، إنما يقاتلونكم من أجل أن يصدوكم عن دينكم.
قوله
تعَالى: ﴿إِنِ ٱسۡتَطَٰعُواْ﴾ [البقرة: 217] وهذا تيئيس لهم من الله جل وعلا أنهم لا
يستطيعون أن يردوا المُسْلمين جميعًا عن دينهم، مثل قوله تعَالى: ﴿وَمَآ أَنتَ
بِتَابِعٖ قِبۡلَتَهُمۡۚ﴾
[البقرة: 145] تيئيس لهم أَيضًا؛ لأنه لا يمكن أن يترك جميع المُسْلمين دينهم، نعم
قد يتركه فئام منهم، أو جماعات، أو أفراد، ولكن لا يتركه كل المُسْلمين، قال صلى
الله عليه وسلم: «لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ
مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى
يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ أَوْ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ» ([1]).
ثم بيَّن الوَعِيد على من يرتدّ عن دينه فقال: ﴿ۚ وَمَن يَرۡتَدِدۡ مِنكُمۡ عَن دِينِهِۦ فَيَمُتۡ وَهُوَ كَافِرٞ فَأُوْلَٰٓئِكَ حَبِطَتۡ أَعۡمَٰلُهُمۡ فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ﴾ [البقرة: 217]، وقال: ﴿يَرۡتَدِدۡ مِنكُمۡ عَن دِينِهِۦ﴾ [البقرة: 217] بأن يرتكب ناقضًا مِن نَواقِضِ الإِسْلام، فإن استمر إلى أن مات ولم يتب حبط عمله الصَّالِح وصار من أصحاب النَّار، أما إن تاب قبل أن يموت ورجع إلى الإِسْلام تاب الله عليه ولم
([1]) أخرجه: مسلم رقم (1920).