×

قوله: «ثم أخبر تعَالى: أن سبب هذا الكُفْر والعذَاب ليس بسبب الاعتقاد للشرك، أو الجَّهل بالتَّوحِيد، أو البغض للدين، أو محبَّة الكُفْر، وإنما سببه: أن له في ذلك حظًّا من حظوظ الدُّنيا»، الله جل وعلا علل هذا في آخر الآية بأن الذي حملهم على ذلك ليس هو الخَوْف من القتْل أو التعذيب، إنما الذي دفعهم هو حبُّ الدُّنيا، قال تعَالى: ﴿ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمُ ٱسۡتَحَبُّواْ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا عَلَى ٱلۡأٓخِرَةِ [النحل: 107]، فكان عقاب الله جل وعلا لهم بأن ﴿طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ [النحل: 108]، أي: حرمهم من الهداية - والعِيَاذ باللهِ - عقوبةً لهم.

قولهم: «فكفَّرهم تعَالى، وأخبر أنه لا يهديهم مع كونهم يعتذرون بمحبَّة الدُّنيا» ولم يعذرهم بهذا، بل حكم عليهم بالكُفْر، وتوعدهم بأنه لا يوفقهم بعد ذلك إلى قبول الحق والتوبة عقوبةً لهم، وإذا فسد قلب الإِنْسَان فإنه لا يقبل الهدى بعد ذلك، وكان هذا أعظم عليه من القتْل، وأعظم عليه من خسارة الدُّنيا كلها؛ لأنه إذا فسد قلبه لم يبق له شيء، وحياته في هذه الدُّنيا شرٌّ من حياة البهائم؛ لأنه يعيش بلا قلب؛ كما في قوله تعَالى: ﴿أَمۡ تَحۡسَبُ أَنَّ أَكۡثَرَهُمۡ يَسۡمَعُونَ أَوۡ يَعۡقِلُونَۚ إِنۡ هُمۡ إِلَّا كَٱلۡأَنۡعَٰمِ بَلۡ هُمۡ أَضَلُّ سَبِيلًا [الفرقان: 44].

قوله: «ثم أخبر تعَالى: أن هَؤُلاءِ المُرتَدِّين لأجل استحباب الدُّنيا على الآخِرَة، هم الذين طبع على قُلُوبهم وسمْعِهِم وأبصارهم، وأنهم هم الغافلون» طبع على قُلُوبهم وسمْعِهِم وأبصارهم فنتج عن هذا أنهم صاروا غافلين عن آيَات اللهِ عز وجل لا ينتفعون بها، وإن سمعوها


الشرح