الأسواق ولا إلى المنتزهات، وإنما كان غالب وقته
في طلب العلم والتحصيل، وكان ذا غيرة قوية على دين الله عز وجل، والتقى بالإمام
الشوكاني وأخذ منه إجازة في علم الحَدِيث.
ولما
استولت الدولة السعودية في عهده على الحرمين الشريفين، وقامت بتطهيرهما من مظاهر
الشِّرك بهدم القِبَاب التي عليها القُبُور، غار القُبُوريون وألَّبوا الدولة
التركية على السعوديين - دولة التَّوحِيد - لإعادة تلك المظاهر الوثنية، لا لأن
السعوديين خَرجُوا عن طاعتهم - كما يُشاع من قِبَل المُغرضين وأصحاب الأهواء - فإن
الدولة السعودية دولةٌ مستقلة ليس للترك عليهم سلطان من قبلُ كسائر بِلاَد نجد،
وإنما غزا الترك بِلاَد نجد لإزالة التَّوحِيد وإعادة القُبُورية؛ فكان غزوهم
اعتداءً على دولة مستقلة ذات سيادة مخالفًا للشرع وللنظم الدولية، أضف إلى ذلك أن
هذا الغزو الآثم يُراد به اجتثاث عقيدة التَّوحِيد ومناصرة القُبُورية، ولكن -
والحمد لله - لم يفلحوا، وبقيت عقيدة التَّوحِيد، واندحرت القُبُورية إلى غير رجعة
- إِن شَاء اللهُ - في بِلاَد الحرمين. ولما غزت الجُيُوش المصرية بقيادة
إِبرَاهِيم باشا عن أمر الأتراك، وغشم إِبرَاهِيم باشا على الدرعية واستولى عليها،
لم يستولِ عليها بالقوة ولكن بالخَديعَة، فإنه لما طال الحصار بينه وبين أهل
الدرعية - وهم صامدون - رأى الإمام عبْد اللهِ بن سعود مصالحته من أجل حقْن دماء
المُسْلمين على أن يُسلِّم نفسه لإِبرَاهِيم باشا ليرسلَه إلى الترك، ففدى بنفسه
رحمه الله حرمات المُسْلمين، وعاهده الخبيث على أن يكُفَّ القتال عن أهل الدرعية،
وسلَّم الإمام نفسه بناءً على العهد، فلما أسروه ورحَّلوه خان العهد وانقض على أهل
الدرعية بالقتْل والتدمير،