×
تعليقات على كتاب قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين الجزء الثالث

كل هذا فيه الحث على الإخلاص والتواضع وعدم الظهور وعدم البروز، وأن الإنسان يخلص نيته لله عز وجل، ولا يريد الدنيا، إنما يريد الآخرة بأعماله وأقواله. هذا هو المخلص الذي يريد وجه الله سبحانه وتعالى.

وهذا هو الفرق ما بين الرجلين: الذي في أول الحديث: هذا يريد الدنيا، عبد الخميصة، والخميلة، والدرهم، والدينار، هذا يريد الدنيا. أما الرجل الذي في آخر الحديث فهذا هو عبد الله المخلص الذي يريد الآخرة.

ففيه الحث على الإخلاص لله عز وجل في أمور العبادة.

أما أمور الدنيا فالذي يريد الدنيا يطلبها بوسائل الدنيا، يحترف ويبيع ويتاجر، لا بأس. أما أن يطلب الدنيا بعمل الآخرة فهذا هو المذموم، لكن إذا طلبها بالأسباب المباحة فهذا مباح ولا حرج عليه أن يبيع ويشتري ويكسب، ويزرع، ويؤجر نفسه، وتؤجر محلاته، ويَطلب الرزق، هذه أسباب مباحة، وطلب الرزق مباح، ولا يلام عليه، بل العبد مأمور بالسعي في طلب الرزق، قال عز وجل: ﴿هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ ذَلُولٗا فَٱمۡشُواْ فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُواْ مِن رِّزۡقِهِۦۖ وَإِلَيۡهِ ٱلنُّشُورُ [الملك: 15]، وقال عز وجل: ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلَوٰةُ فَٱنتَشِرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَٱبۡتَغُواْ مِن فَضۡلِ ٱللَّهِ [الجمعة: 10].

لكن لا يطلب الدنيا بعمل الآخرة، هذا هو المقصود، إنما يجعل عمل الآخرة للآخرة، وعمل الدنيا للدنيا.


الشرح