وروى
الحافظ ابن عساكر في ترجمة عبد الله بن المبارك: قال عبد الله بن محمد قاضي
نَصِيبين: حدثني محمد بن إبراهيم بن أبي سُكينة، أنه أملى عليه عبد الله بن
المبارك هذه الأبيات بطَرَسوس، وواعده الخروج وأنفذها معه إلى الفُضَيْل بن عِياض،
في سنة سبعين ومِائة:
يا عابد الحرمين لو أبصرتَنا**** لعَلِمتَ أنك في
العبادة تلعبُ
مَن كان يَخضِب خده بدموعه **** فنحورنا بدمائنا
تتخضبُ
أو كان يُتعِب خيله في باطل **** فخيولنا يوم
الصبيحة تَتعبُ
ريح العبير لكم ونحن عبيرنا **** وَهَجُ السنابك
والغبار الأطيبُ
ولقد أتانا من مقال نبينا **** قول صحيح صادق لا
يَكذبُ
لا يستوي غبار خيل الله في **** أنف امرئ ودُخَان
نار تَلهَبُ
هذا كتاب الله ينطق بيننا **** ليس الشهيد
بمَيِّت لا يَكذبُ
قال:
فلَقِيتُ الفُضَيْل بكتابه في المسجد الحرام، فلما قرأه ذَرَفت عيناه. فقال: صدق
أبو عبد الرحمن ونصحني! ثم قال: أنت ممن يَكتب الحديث؟ قلت: نعم. قال لي: اكتب هذا
الحديث كِرَاء حَمْلك كتاب أبي عبد الرحمن إلينا.
وأملى
عليَّ الفضيل بن عياض: حدثنا منصور بن المُعتمِر، عن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي
هريرة، أن رجلاً قال: يا رسول الله، عَلِّمني عملاً أنال به ثواب المجاهدين في
سبيل الله! فقال: «هل تستطيع إذا خرج المجاهد أن تدخل مسجدك، فتقوم ولا تَفْتُر،
وتصوم ولا تُفطر؟ أن تصلي ولا تفتر» فقال: يا رسول الله، أنا أضعف من أن أستطيع
ذلك! ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: