«فوالذي نفسي بيده، لو
طُوِّقتَ ذلك ما بَلَغْتَ فضل المجاهدين في سبيل الله، أما علمتَ أن فرس المجاهد
لَيَسْتَنُّ في طِوَله، فيُكتب له حسنات؟» ([1]).
**********
هذه أبيات عجيبة من عبد الله بن المبارك رحمه الله، كان من العلماء الأفذاذ
المُحَدِّثين، وكان أيضًا من التجار! جَمَع الله له بين العلم والثروة والغنى!
وكان من المجاهدين، يغزو في سبيل الله.
أما الفُضَيْل بن عِياض فكان من العُبَّاد المنقطعين للعبادة في المسجد
الحرام.
فكَتَب له عبد الله بن المبارك هذه الأبيات ليقول له: إن المجاهد في سبيل
الله أفضل من المعتكف للعبادة في المسجد الحرام؛ فالصلاة والتهجد والصوم والطواف
بالبيت - هذه عبادات عظيمة، لكن الجهاد في سبيل الله أفضل منها.
قوله:
يا عابد الحرمين لو أبصرتَنا **** لعَلِمْتَ أنك في
العبادة تلعبُ
مَن كان يَخضِب خده بدموعه **** فنحورنا بدمائنا تتخضبُ
يقول: أنتم تبكون من خشية الله في الصلاة والتهجد، وهذا أمر طيب ومشروع، لكن الدم الذي يسيل في سبيل الله أفضل من الدموع من خشية الله في العبادة.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (2785)، ومسلم رقم (1878).