وهذه القاعدة في القرآن الكريم وفي السنة النبوية، أنه إذا جاء الأمر
بالتوحيد فإنه يأتي بعده النهي عن الشرك؛ لأن التوحيد لا يتحقق إلا بترك الشرك،
وعبادة الله لا تصح إلا بترك الشرك.
وهذا الأمر من الله سبحانه وتعالى إلى جميع الخلق: ﴿يَٰٓأَيُّهَا
ٱلنَّاسُ﴾ هذا عام لجميع الخلق، ﴿ٱعۡبُدُواْ
رَبَّكُمُ﴾ هذا في توحيد الألوهية، وهو توحيد العبادة، وقال: ﴿ٱعۡبُدُواْ رَبَّكُمُ﴾؛ لأن الرب هو الذي
يستحق العبادة. والرب معناه: المربي لجميع الخلق بنعمه ورزقه ووحيه وإرسال رسله. كل
هذا يَدخل في معنى الرب سبحانه وتعالى.
قال: ﴿خَلَقَكُمۡ وَٱلَّذِينَ
مِن قَبۡلِكُمۡ﴾ فالذي يستحق العبادة هو الذي يخلق، أما الذي لا يخلق
فإنه لا يستحق شيئًا من العبادة، قال عز وجل: ﴿أَفَمَن
يَخۡلُقُ كَمَن لَّا يَخۡلُقُۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ﴾ [النحل: 17]، فالذي
لا يخلق لا يستحق العبادة.
وجميع المعبودات التي تُعبد من دون الله كلها لا تَخلق، حتى أحقر الأشياء،
قال عز وجل: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ
ضُرِبَ مَثَلٞ فَٱسۡتَمِعُواْ لَهُۥٓۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ
لَن يَخۡلُقُواْ ذُبَابٗا وَلَوِ ٱجۡتَمَعُواْ لَهُۥۖ وَإِن يَسۡلُبۡهُمُ ٱلذُّبَابُ
شَيۡٔٗا لَّا يَسۡتَنقِذُوهُ مِنۡهُۚ ضَعُفَ ٱلطَّالِبُ وَٱلۡمَطۡلُوبُ﴾ [الحج: 73]، لا
يخلقون ذبابًا، فكيف بما هو فوق ذلك؟! فالذي يستحق العبادة هو الذي يقدر على
الخلق.
ولهذا تحدى الله المشركين الذين يعبدون من دون الله أن يبينوا ماذا خلقت
آلهتكم!!