والعجيب أن المَلَك جاءه بصورته التي كان عليها؛ ليكون ذلك أبلغ في
التذكير، لكنه لم ينتفع بهذه الموعظة.
فقال له المَلَك: «إِنْ كُنْتَ
كَاذِبًا، فَصَيَّرَكَ اللهُ إِلَى مَا كُنْتَ»، في أول الأمر دعا له بالبركة،
وفي المرة الثانية دعا عليه بزوال النعمة.
ثم ذهب إلى الأقرع، وطلب منه مثل ما طلب من الأبرص، ورَدَّ عليه الأقرع مثل
ما رد عليه الأبرص، فقال له: «إِنْ كُنْتَ
كَاذِبًا، فَصَيَّرَكَ اللهُ إِلَى مَا كُنْتَ»، يعني: ردك فقيرًا أقرع، كما
كنت من قبل.
ثم ذهب إلى الأعمى، فطلب منه المساعدة وعَرَض عليه حاله وفقره، وهذا من باب
الاختبار والامتحان، فقال له: «قَدْ
كُنْتُ أَعْمَى» يعني: تَذَكَّرَ نعمة الله عليه، واعترف بفضله عليه، «فَرَدَّ اللهُ إِلَيَّ بَصَرِي» فنَسب
الفضل إلى الله سبحانه وتعالى، وشَكَر نعمته عليه «فَخُذْ مَا شِئْتَ، وَدَعْ مَا شِئْتَ، فَوَاللهِ لاَ أَجْهَدُكَ
الْيَوْمَ شَيْئًا أَخَذْتَهُ لِلَّهِ»، هذا من شكر النعمة.
هنا انتهى الامتحان وما بقي إلا النتائج، فما هي النتائج؟
قال له المَلَك: «أَمْسِكْ
مَالَكَ، فَإِنَّمَا ابْتُلِيتُمْ» يعني: اختُبرتم أنت وصاحباك، «فَقَدْ رُضِيَ عَنْكَ» بسبب شكرك لنعمة
الله عز وجل، «وَسُخِطَ عَلَى
صَاحِبَيْكَ» بسبب كفرهم بنعمة الله عز وجل.
الصفحة 10 / 427