قوله: ﴿وَلَئِنۡ
أَذَقۡنَٰهُ﴾ ضمير الغائب هنا يرجع إلى الإنسان المذكور في قوله عز
وجل في الآية التي قبلها: ﴿لَّا يَسَۡٔمُ
ٱلۡإِنسَٰنُ مِن دُعَآءِ ٱلۡخَيۡرِ وَإِن مَّسَّهُ ٱلشَّرُّ فَئَُوسٞ قَنُوطٞ ٤٩وَلَئِنۡ
أَذَقۡنَٰهُ رَحۡمَةٗ مِّنَّا مِنۢ بَعۡدِ ضَرَّآءَ مَسَّتۡهُ لَيَقُولَنَّ هَٰذَا
لِي وَمَآ أَظُنُّ ٱلسَّاعَةَ قَآئِمَةٗ وَلَئِن رُّجِعۡتُ إِلَىٰ رَبِّيٓ إِنَّ
لِي عِندَهُۥ لَلۡحُسۡنَىٰۚ فَلَنُنَبِّئَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِمَا عَمِلُواْ
وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنۡ عَذَابٍ غَلِيظٖ ٥٠﴾ [فصلت: 49- 50].
فذَكَر أن الرحمة من الله سبحانه وتعالى، ولكن هذا الإنسان عَكَس الأمر،
فلم ينسبها إلى الله وقال: ﴿هَٰذَا
لِي﴾، يعني أنا مستحق لهذا. أو أن هذا بسبب عملي وحذقي
ومهارتي... وما أشبه ذلك من الأقوال التي فيها كفران النعمة وعدم شكرها، وإنكار
أنها فضل من الله سبحانه وتعالى. وإن لم يقل هذا بلسان المقال، فإنه يقوله بلسان
الحال.
فالواجب نسبة النعم إلى الله، والقيام بشكرها قولاً واعتقادًا وعملاً، قال
عز وجل: ﴿ٱعۡمَلُوٓاْ ءَالَ
دَاوُۥدَ شُكۡرٗاۚ وَقَلِيلٞ مِّنۡ عِبَادِيَ ٱلشَّكُورُ﴾ [سبأ: 13]. هذا هو
الواجب.
فكون النعمة أو الرحمة جاءت بعد الضراء، مَن الذي أزال الضراء وأحل محلها
الرحمة؟ هل يستطيع الإنسان أن يزيل الضراء عن نفسه؟ لا أحد من الخلق يستطيع أن
يزيل الضراء عن نفسه!
بل الله عز وجل هو الذي يزيلها، والإنسان يعترف بأنه عاجز عن إزالة الضراء،
فإذا أصابته الضراء لجأ إلى الله، قال عز وجل: ﴿وَإِذَا
مَسَّكُمُ ٱلضُّرُّ فِي ٱلۡبَحۡرِ ضَلَّ مَن تَدۡعُونَ إِلَّآ إِيَّاهُۖ﴾ [الإسراء: 67] حتى
المشركون وهم مشركون