×
تعليقات على كتاب قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين الجزء الثالث

فإن قلت: لماذا لم يسقها في باب واحد؟

نقول: فَرَّقها لأجل التسهيل على المتعلم؛ حتى يقدر على حفظها وإتقانها. ولو ساقها جميعًا في باب واحد، لشق حفظها وفَهْمها.

والعلم يؤخذ شيئًا فشيئًا على مر الأيام والليالي.

وما أَحسنَ قولَ الإمام الجليل ابن شهاب الزُّهْري في ذلك حيث قال: «مَن رام العلم جملة ذهب عنه جملة، وإنما يُطلَب العلم على مر الأيام والليالي».

ويقول ابن القيم رحمه الله: «على أهل العلم أن يربوا هذه الأمة كما يُربِّي الوالد ولده، فيربونهم بالتدريج والترقي من صغار العلم إلى كباره وتحميلهم منه ما يطيقون».

قوله: «باب لا يقول: عبدي وأَمَتي» هذا أيضًا من احترام أسماء الله وتعظيم أسماء الله! فمَن كان يملك عبدًا أو أَمَة، فلا يقل: عبدي وأَمَتي!! لأن هذا لا يليق إلا بالله عز وجل، فإن العبودية لله عز وجل.

ثم ساق المصنف رحمه الله الحديث الذي نهى فيه النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا القول. وكعادته صلى الله عليه وسلم أتى بالبديل لِما نهى عنه، فقال: «وَلْيَقُلْ: فَتَايَ وَفَتَاتِي» ([1])، هذا الذي يقوله السيد للعبد والأَمَة، وهذا كما في قول الله عز وجل: ﴿وَإِذۡ قَالَ مُوسَىٰ لِفَتَىٰهُ لَآ أَبۡرَحُ حَتَّىٰٓ أَبۡلُغَ مَجۡمَعَ ٱلۡبَحۡرَيۡنِ أَوۡ أَمۡضِيَ حُقُبٗا [الكهف: 60]، ما قال: «لعبده»، إنما قال: ﴿لِفَتَىٰهُ، فيقول للعبد: فتاي وغُلامي، ويقول للأمة: فتاتي.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (2552)، ومسلم رقم (2249).