فلما بلغ صلى الله عليه
وسلم وادي نخلة راجعًا صلى الفجر وقرأ القرآن، فسمعته الجن، فأعجبهم القرآن وآمنوا
به، ودَعَوْا قومهم إلى الإسلام، قال عز وجل: ﴿وَإِذۡ
صَرَفۡنَآ إِلَيۡكَ نَفَرٗا مِّنَ ٱلۡجِنِّ﴾ [الأحقاف 29]، وقال
عز وجل: ﴿قُلۡ أُوحِيَ
إِلَيَّ أَنَّهُ ٱسۡتَمَعَ نَفَرٞ مِّنَ ٱلۡجِنِّ فَقَالُوٓاْ إِنَّا سَمِعۡنَا
قُرۡءَانًا عَجَبٗا﴾ [الجن: 1]، ودعا ربه بهذا الدعاء العظيم.
الشاهد منه قوله صلى الله عليه وسلم: «أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِكَ»، هنا استعاذ بنور وجهه من أذى الكفار.
والحديث الذي في الباب: «لاَ
يُسْأَلُ بِوَجْهِ اللَّهِ، إِلاَّ الْجَنَّةُ».
فكيف يُجمع بين الحديثين؟
والجواب عن هذا: أن سؤاله صلى الله عليه وسلم أن يعصمه الله من أذى الكفار،
وأن يمكنه من إظهار هذا الدين - هذا مما يوصل إلى الجنة. فلا بأس أن يُسأل بوجه
الله إذا كان الشيء المسئول مما يوصل إلى الجنة.
**********
الصفحة 5 / 427