المرتبة الرابعة: أن كل هذه الأشياء التي تقع كلها خَلْق الله عز وجل،
قال عز وجل: ﴿ٱللَّهُ خَٰلِقُ
كُلِّ شَيۡءٖۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ وَكِيلٞ﴾ [الزمر: 62]، وقال
عز وجل: ﴿وَٱللَّهُ
خَلَقَكُمۡ وَمَا تَعۡمَلُونَ﴾ [الصافات: 96].
فمَن جَحَد واحدة من هذه المراتب الأربع، لم يكن مؤمنًا بالقضاء والقدر.
ولم يكن لدى الصحابة رضي الله عنهم خلاف في أمور القضاء والقدر، لم يحدث
عندهم إشكال في هذا الأمر ولم يبحثوا فيه؛ لقوة إيمانهم واعتمادهم على كتاب الله
وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وتركهم للبحث فيما لا فائدة لهم فيه.
ولكن في أواخر عصر الصحابة نبتت نابتة في العراق أنكرت القضاء والقدر، ومِن
أولهم مَعْبَد الجُهْنَي وعمرو بن عُبَيْد، وغيرهم من أقطاب القدرية.
ووَرِث المعتزلة عنهم هذا المذهب الخبيث، ثم نما وترعرع وتبناه من تبناه من
الأشقياء، وباءوا بالخسران المبين، والعياذ بالله، ولم يتوصلوا إلى شيء.
وليس لهم من حجة يعتمدون عليها لا من الكتاب ولا من السُّنة، بل الحجج ضد
مذهبهم الخبيث.
ومن حججهم الواهية: يقولون: كيف يُقَدِّر الله الكفر والمعاصي ثم يعذب
عليها؟! ويزعمون أنه لو كان من تقدير الله، لكان الله عز وجل ظالمًا!!
فأرادوا نفي الظلم عن الله فنَفَوُا القدر!! ذلك لأنهم لم يفهموا أسرار الله
عز وجل في خلقه.