وقد يكون في غير داعٍ
لليمين إلا التغرير بالناس وخداع الناس؛ كحالة المنافقين الذين قال الله عز وجل
فيهم: ﴿وَيَحۡلِفُونَ عَلَى ٱلۡكَذِبِ
وَهُمۡ يَعۡلَمُونَ﴾ [المجادلة: 14]، وقال عز وجل: ﴿وَلَيَحۡلِفُنَّ
إِنۡ أَرَدۡنَآ إِلَّا ٱلۡحُسۡنَىٰۖ وَٱللَّهُ يَشۡهَدُ إِنَّهُمۡ لَكَٰذِبُونَ﴾ [التوبة: 107]،
وقال عز وجل: ﴿ٱتَّخَذُوٓاْ
أَيۡمَٰنَهُمۡ جُنَّةٗ فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ إِنَّهُمۡ سَآءَ مَا
كَانُواْ يَعۡمَلُونَ﴾ [المنافقون: 2] يعني: اتخذوا أيمانهم سُترة يستترون بها
أمام الناس ليصدقوهم.
وكلما قَلَّ الإيمان أو عُدِم الإيمان في القلب، حصل التهاون باليمين
والحلف.
قوله: «وقول الله عز وجل: ﴿وَٱحۡفَظُوٓاْ
أَيۡمَٰنَكُمۡۚ﴾ » لما ذَكَر الله
سبحانه وتعالى كفارة الأيمان في سورة المائدة، في قوله عز وجل: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ ٱللَّهُ
بِٱللَّغۡوِ فِيٓ أَيۡمَٰنِكُمۡ وَلَٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ ٱلۡأَيۡمَٰنَۖ
فَكَفَّٰرَتُهُۥٓ إِطۡعَامُ عَشَرَةِ مَسَٰكِينَ مِنۡ أَوۡسَطِ مَا تُطۡعِمُونَ
أَهۡلِيكُمۡ أَوۡ كِسۡوَتُهُمۡ أَوۡ تَحۡرِيرُ رَقَبَةٖۖ فَمَن لَّمۡ يَجِدۡ
فَصِيَامُ ثَلَٰثَةِ أَيَّامٖۚ ذَٰلِكَ كَفَّٰرَةُ أَيۡمَٰنِكُمۡ إِذَا
حَلَفۡتُمۡۚ وَٱحۡفَظُوٓاْ أَيۡمَٰنَكُمۡۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمۡ
ءَايَٰتِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ﴾ [المائدة: 89].
جَعَل في اليمين الكفارة إذا حَنِث فيها وخالفها مما يدل على عظمتها؛ لأن
الكفارة لا تكون إلا من ذنب وقع فيه الإنسان، فنقض اليمين يحتاج إلى كفارة مما يدل
على عِظَم اليمين.
ثم قال: ﴿وَٱحۡفَظُوٓاْ
أَيۡمَٰنَكُمۡۚ﴾فسرها العلماء على قولين:
الأول: أن هذا نَهْي عن الحلف، فلا يحلف الإنسان إلا إذا دعت إلى ذلك حاجة، ويكون
صادقًا في يمينه؛