قوله: «وقول الله تعالى: ﴿وَأَوۡفُواْ بِعَهۡدِ ٱللَّهِ
إِذَا عَٰهَدتُّمۡ﴾» الآية، أي: ومعنى
قول الله عز وجل: ﴿وَأَوۡفُواْ
بِعَهۡدِ ٱللَّهِ إِذَا عَٰهَدتُّمۡ﴾، هذا أَمْر من الله عز وجل
للوفاء بعهد الله، فإذا عاهد المسلم عهدًا فإنه يجب عليه الوفاء بعهده؛ لأن الوفاء
بالعهد من احترام حق الله سبحانه وتعالى، ونقض العهد من تَنَقُّص حق الله سبحانه
وتعالى. ومن صفات المؤمنين الوفاء بالعهود. ومن صفات المنافقين الغدر بالعهود، قال
صلى الله عليه وسلم: «آيَةُ المُنَافِقِ
ثَلاَثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَان»
([1]).
وجاء الوعيد الشديد على الغدر في العهود؛ كما في حديث ابن عمر رضي الله
عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ
الغَادِرَ يُنْصَبُ لَهُ لِوَاءٌ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَيُقَالُ: هَذِهِ غَدْرَةُ
فُلاَنِ بْنِ فُلاَنٍ» ([2]). تشهيرًا به.
فالواجب على المسلمين الوفاء بالعهود والأيمان والعقود؛ لأن الإسلام دين
وفاء وليس دين غدر وخيانة.
فإذا عاهد الإنسان ربه وجب عليه الوفاء، أو عاهد إمامًا من أئمة المسلمين فإنه يجب عليه الوفاء بالعهد مع الإمام، وليس بلازم في عقد العهد للإمام أن كل واحد يعاهد، بل إذا عاهد أهل الحَل والعَقْد لزم البقيةَ الوفاء؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «الْمُؤْمِنُونَ تَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ، وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ، وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ» ([3])، فإذا تمت البيعة لإمام من أئمة
([1]) أخرجه: البخاري رقم (33)، ومسلم رقم (59).