المسلمين، وجب على الرعية
جميعًا الوفاء بهذا العهد؛ لأنهم أمة واحدة.
وكذلك العهد الذي يكون بين المسلمين والكفار - يجب الوفاء به، ولا يجوز
نقضه قبل تمامه إلا إذا هم نقضوه أو أَخَلُّوا بشروطه، حينئذٍ يكون المسلمون في
حِل من عهدهم. أما إذا وَفَّوْا بعهدهم ولم ينقضوه وجب على المسلمين الوفاء لهم
بالعهد حتى تنتهي مدته. وهذا في حق الإمام وفي حق الرعية.
كذلك العهود التي بين الناس بعضهم مع بعض، يجب الوفاء بها، ولا يجوز
التهاون في العهود والمواثيق والعقود؛ لأن قوله: ﴿وَأَوۡفُواْ
بِعَهۡدِ ٱللَّهِ إِذَا عَٰهَدتُّمۡ﴾ هذا عام في جميع العهود،
سواء كان عهدكم مع إمام، أو كان عهدكم مع الكفار، أو كان عهدكم فيما بينكم، فيجب
الوفاء بالعهد.
قوله: ﴿وَلَا تَنقُضُواْ ٱلۡأَيۡمَٰنَ﴾ المراد بالأيمان
هنا: العهود؛ لأن الأيمان التي هي الحلف سبق أن فَصَّلنا القول فيها، وبَيَّنَّا
أنه إذا كان الأفضل نقضها فإنها تُنقض، فإذا حلف العبد على ترك شيء، وظهر له أن
فعله خير، فإنه يفعله ويُكفِّر عن يمينه. وإذا حلف على فعل شيء، وظهر له أن فعله
شر، فإنه يتركه ويُكفِّر عن يمينه ويأتي الذي هو خير. أما الأيمان هنا فإن المراد
بها العهود، وليس المراد بها الحلف.
قوله: ﴿بَعۡدَ
تَوۡكِيدِهَا﴾ أي: بعد إبرامها وتمامها ﴿وَقَدۡ
جَعَلۡتُمُ ٱللَّهَ عَلَيۡكُمۡ كَفِيلًاۚ﴾ الواو للحال، أي:
والحال أنكم إذا عاهدتم فقد