بالترهيب وبالترغيب، فلا
يكون بالترهيب فقط، ولا يكون بالترغيب فقط، وإنما يكون بالجمع بين الأمرين. هذا هو
طريق الدعوة إلى الله، فتنكر المنكر ولا تُقنط العاصي من رحمة الله، ولا تُؤمنه من
عذاب الله ومكر الله.
فمَن أَخَذ جانب الترهيب فقط فقد أخطأ، ومَن أَخَذ جانب الترغيب فقط فقد
أخطأ، ومَن جَمَع بينهما فقد أصاب الحق.
وهكذا ينبغي للدعاة وللآمِرين بالمعروف والناهين عن المنكر، أن يتوخَّوُا
الحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن، ولا تكون طريقتهم العنف والشدة
وتقنيط الناس من رحمة الله، فإن هذا يُنفر الناس من دين الله.
وفي هذا الحديث دليل على أنه لا يُشْهَد لمُعَيَّن بجنة أو نار، إلا
مَن شَهِد له رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما نرجو للمحسن ونخاف على المسيء.
وهذا هو مذهب أهل السُّنة والجماعة.
وفيه أن الأعمال بالخواتيم، فهذا الرجل خُتِم له بِشَر فدخل النار بسبب هذه
الكلمة التي فيها جرأة على الله، مات عليها فدخل النار. والرجل المذنب مات على
الرجاء لرحمة الله وحُسْن الظن بالله، فغَفَر الله له.
والشاهد من الحديث: أن الله أنكر على مَن يتألى عليه أن لا يَغفر لفلان؛
لِما فيه من إساءة الأدب مع الله والقنوط من رحمة الله، وهذا يُنْقِص التوحيد.
**********
الصفحة 5 / 427