«التحيات لله»، أي:
التعظيمات، فالله عز وجل يُحَيَّا بمعنى يُعَظَّم ولا يُسَلَّم عليه. وفَرْق بين
التحية والسلام: التحية هي التعظيم، أما السلام فهو الدعاء بالسلامة. والتعظيم
لائق بالله عز وجل؛ لأنه العظيم الذي له العظمة. وأما السلام على الله فهذا لا
يليق به سبحانه وتعالى لأنه غني عن الدعاء.
هذا وجه سياق المصنف رحمه الله لهذا الباب في كتاب التوحيد، أن السلام على
الله فيه إساءة أدب مع الله سبحانه وتعالى، وهذا مما يَنقص التوحيد.
قوله: «لاَ تَقُولُوا السَّلاَمُ عَلَى
اللَّهِ» هذا نهي، والنهي يقتضي التحريم، ثم بَيَّن السبب لهذا المنع، فقال: «فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلاَمُ»، فلا
يُدْعَى له سبحانه، وإنما هو الذي يُدْعَى ويُطْلَب منه السلام والسلامة.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من الصلاة، يستغفر ثلاثًا
ويقول: «اللهُمَّ أَنْتَ السَّلاَمُ»،
وهذا ثناء على الله سبحانه وتعالى، «وَمِنْكَ
السَّلاَمُ»، فالله عز وجل هو الذي يَهَب السلام لعباده ويُسَلِّمهم من الآفات
والنقائص، ومَن لم تحصل له السلامة من الله فإنه لن يَسْلَم.
قال: «وفي الحديث أن هذا هو تحية أهل الجنة لربهم تبارك وتعالى »، إذا سَلَّم عليهم سبحانه وتعالى؛ كما جاء في الحديث: «... فَلَمَّا دُفِعُوا إِلَى الْجَبَّارِ تَعَالَى سَفَرَ لَهُمْ عَنْ وَجْهِهِ الْكَرِيمِ، وَتَجَلَّى لَهُمْ فِي عَظَمَتِهِ الْعَظِيمَةِ تَحِيَّتُهُمُ السَّلاَمُ، قَالُوا: رَبَّنَا أَنْتَ السَّلاَمُ وَمِنْكَ السَّلاَمُ وَلَكَ حَقُّ الْجَلاَلِ وَالإِْكْرَامِ» ([1]).
([1]) أخرجه: الآجري في الشريعة رقم (625)، وابن بطه في الإبانة رقم (64).