عَلَى المسلمِ أن يختار النَّفَقَةَ الصالحةَ
التي هي مِنْ كَسْبٍ حَلاَلٍ؛ قَالَ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ
لاَ يَقْبَلُ إلاَّ طَيِّبًا، وَإِنَّ اللهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ
بِهِ الْمُرْسَلِينَ؛ فَقَالَ سبحانه وتعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَٱعۡمَلُواْ
صَٰلِحًاۖ إِنِّي بِمَا تَعۡمَلُونَ عَلِيمٞ﴾ [المؤمنون: 51]
وقال تَعَالَى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا
ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقۡنَٰكُمۡ وَٱشۡكُرُواْ
لِلَّهِ إِن كُنتُمۡ إِيَّاهُ تَعۡبُدُونَ﴾ [البقرة: 172] » ثم ذكر: «الرَّجُلُ
يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ: يَا
رَبِّ! يَا رَبِّ! وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ
حَرَامٌ، وَغُذِّيَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟!» ([1]).
فيَجِبُ عَلَى
المسلمِ أن يَطْعَمَ مِنَ الحلال، ويَشْرَبَ من الحلالِ، ويَلْبَسَ من الحلال،
ويَسْتَعْمِلَ الحلالَ فِي جميع أموره، ولكنَّ الْحَجَّ بالذات فإنه يحتاج إلى
مالٍ ويحتاج إلى نفقة، فتكون من الكسب الحلال، فيجب عَلَى الحاج أن يأخذ مَا
يَكْفِيهِ فِي حَجِّهِ من المال الحلال.
وقد كان ناسٌ فِي
عهد النبي صلى الله عليه وسلم يَحُجُّونَ وليس معهم نفقةٌ، ويقولون: نحن
المتوكِّلون، ويُصْبِحُونَ عَالَةً عَلَى الحُجَّاجِ، فأَنْزَلَ اللهُ قولَهُ
تَعَالَى: ﴿وَتَزَوَّدُواْ
فَإِنَّ خَيۡرَ ٱلزَّادِ ٱلتَّقۡوَىٰۖ وَٱتَّقُونِ يَٰٓأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِ﴾ [البقرة: 197]
فأَمَرَ بأخذ الزَّادِ لِسَفَرِ الحَجِّ، فلا يَحُجُّ الإنسانُ وليس معه نَفَقَةٌ،
ثم نَبَّهَ عَلَى الزَّادِ الأُخْرَوِيِّ، فقال: ﴿فَإِنَّ خَيۡرَ ٱلزَّادِ ٱلتَّقۡوَىٰۖ﴾ [البقرة: 197] فزَادُ
الآخرةِ: هو التقوى، وزَادُ الدنيا: هو الطعامُ والشرابُ والمَرْكَبُ.
بل إِنَّهُ سبحانه
وتعالى أَبَاحَ البيع والشراء فِي الحجِّ؛ مِنْ أَجْلِ أن يستغنيَ المسلمُ عن
الناس، فقال تَعَالَى: ﴿لَيۡسَ
عَلَيۡكُمۡ جُنَاحٌ أَن تَبۡتَغُواْ فَضۡلٗا مِّن رَّبِّكُمۡۚ﴾ [البقرة: 198] نَزَلَتْ هَذِهِ الآْيَةُ فِي الاتِّجارِ
فِي الحج،
([1])أخرجه: مسلم رقم (1015).