×
شرح مناسك الحج والعمرة على ضوء الكتاب والسنة

 يكفي استلامه فقط، والتَّقْبِيل إنما هو للحَجَر فقط، وإن لم يتمكَّن، لا من الاستلام ولا التقبيل، ولا من الاستلام فقط، فإنه يستقبله، ويشير إليه، ويرفع يده ويقول: الله أكبر، ثم يجعل البيت عن يساره ويبدأ الطَّوَاف.

فإذا كَانَ المكانُ مزدحمًا، فلا يُكَلِّف نفسه بأن يذهب إلى الحَجَر ويُزاحِم ويتعرَّض للخطر، ويُعرِّض غيره للخطر، ويزاحم النساء، بل يشير إليه إِذَا حاذاه ويُكبِّر ويبدأ الطَّوَاف، ولو كَانَ فِي أقصى المَطَاف.

وتأمَّل لماذا يُقبِّل الحَجَر ويستلمه؟ لِفِعْلِ رسول الله وطاعةً لله، فنحن نُقَبِّل الحَجَر ونستلمه ونشير إليه طاعةً لله، وإلا فهو حَجَرٌ لا يضر ولا ينفع، ونحن لا نُقَبِّلُه تَبَرُّكًا به، أو رجاءَ أن ينفعنا أو يضرنا؛ لأنه حَجَرٌ، لكنَّ اللهَ جَعَلَهُ لنا مَشْعَرًا، فنحن نستلمه ونُقَبِّلُه أو نشير إليه تَعَبُّدًا لله عز وجل، وطاعةً له، واقتداءً بالرسول صلى الله عليه وسلم، كَمَا أن الطَّوَاف بِالْبَيْتِ ليس للبيت، وإنما هو لله عز وجل وعبادة لله، والبيت إنما هو مكان للعبادة وللطواف، وإلا فالمعبود هو الله عز وجل.

ولهذا قَالَ عُمَرُ لَمَّا استلم الحَجَرَ وقبَّله: «إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لاَ تَنْفَعُ وَلاَ تَضُرُّ، وَلَوْلاَ أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ» ([1])؛ فالمسألة مسألة اتباع للرسول، وطاعة لله عز وجل، وَفِي ذَلِكَ أجر عظيم، فلا نُعلِّق قلوبنا بغير الله عز وجل، وإنما نُعلِّق قلوبنا بالله، نُقَبِّل الحجر ونستلمه ونشير إليه عِبَادَةً لله، ورجاءً لثواب الله سبحانه وتعالى.

والحَجَر إنما هو مكانٌ للعبادةِ، والمعبودُ هو الله عز وجل، والطَّوَاف لا يجوز إلاَّ بِالْبَيْتِ العتيق، فلا يجوز الطَّوَاف بالقبور ولا بالأضرحة


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (1597)، ومسلم رقم (1270).