فيجب عَلَى طَلَبَةِ
العِلْمِ أن يُنبِّهوا الناسَ والحُجَّاجَ عَلَى مثل هَذِهِ الأمورِ، وألاَّ
يَغْتَرُّوا بالجُهَّالِ، أو المُضَلِّلين الذين يقولون لهم: المكانُ الفلانيُّ
يُزار، والقبورُ إنما تُزَارُ للسلام عَلَى الأموات المسلمين، والدُّعاءِ لهم
والاعتبارِ، أما أنها تُزار لطلب الشفاعة، أو لطلب البَرَكَةِ، فهذا حرامٌ، ولا
يجوز، فإن كَانَ يطلب هَذِهِ الأشياء من الأموات، فهذا شِرْكٌ أكبرُ، وإن كَانَ
يَطْلُبُها من الله عند القبور، فهذا بدعة ووسيلة من وسائل الشِّرْك.
فالقبور تُزار كَمَا
أَمَرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم لأمرين:
الأول: للعِبْرَة؛ كَمَا
قال: «فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ بِالآْخِرَةِ» ([1]).
والثاني: الدعاءُ للأمواتِ؛
لأن الأمواتَ بحاجةٍ إلى الدعاء، فتدعو لإخوانك بالمغفرةِ، والرحمةِ؛ وتنفعُ
نَفْسَك بالاعتبارِ والاتِّعاظِ، وتنفع إخوانَك بالدعاءِ لَهُمْ، أمَّا أن تطلب
النَّفْعَ من الأمواتِ، والمَدَدَ مِنْهُمْ، فهذا شِرْكٌ باللهِ.
والمسلم إنما جاءَ
يُريد الأَجْرَ، ويريد الثَّوَابَ، وما جاء يُريد الإثمَ، فكيف يرتكب هَذِهِ
الأمور، والحاجُّ والمُعْتَمِرُ يطلبُ الثَّوَابَ والأَجْرَ؟! ولكن الناس يَغْلِبُ
عليهم الجَهْلُ بهذه الأمور، فينبغي أن تُوَضَّح، وأن تُبَيَّنَ لهم؛ حتى
يَسْلَمُوا منها.
وليس فِي مكَّةَ أَمْكِنَةٌ تُزار غير مقابر المسلمين؛ للدُّعاء لهم، والاعتبار والاتِّعاظ، ولكن فيها المسجدُ الحرامُ، وفيها مِنًى، ومُزْدَلِفَة، وعَرَفَة، تؤدَّى فيها المَنَاسِكُ، ونذهب إلى عَرَفَة يوم الوقوف فقط، وإلى مُزْدَلِفَة ليلة الْمَبِيت بمُزْدَلِفَة، فقط، وإلى مِنًى أَيَّام التَّشْرِيق فقط، وهذه
([1])أخرجه: مسلم رقم (976).