أماكن للعبادة ومشاعر، لكن كل مَشْعَر له
عِبَادَةٌ خاصَّةٌ، وله وَقْتٌ خاصٌّ.
أما الذين يذهبون إلى
عَرَفَة فِي غير يوم عَرَفَة، ويقولون: هذا فيه أَجْرٌ، ويَقِفُون عَلَى الجَبَل،
يَصْعَدُون عليه، فهذا من الجَهْلِ، ومن الخُرَافات، فعَرَفَةُ يُشرَع الوقوفُ
فيها للحاجِّ يومَ التاسع من ذي الحجة فقط، والوقوفُ بِعَرَفَةَ هو الرُّكْنُ
الأعظمُ من أركان الحجِّ، أمَّا أن يُزار الجَبَلُ ويتُبرَّك به عَلَى مدار
السَّنَة، فهذا من خرافات الجُهَّال. والوقوفُ بِعَرَفَةَ لا يَخْتَصُّ بالجَبَلِ
وما حَوْلَهُ، بل «عَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ» ([1]) كَمَا قَالَ
النبيُّ صلى الله عليه وسلم.
وكذلك الأَمْرُ
نَفْسُهُ فِي الذين يَذْهَبُونَ للجُعْرانة للبَرَكَةِ، والتمسُّح بتُرْبَتِهَا،
فهذا ممَّا لا أصل له، فالجُعْرَانة إنما هي عَلَى طَرَفِ الحَرَم، والرسولُ صلى
الله عليه وسلم مَرَّ بها فِي مَرْجِعِهِ من غَزْوَةِ حُنَيْن وأَحْرَمَ منها
بالعُمْرَة لمَّا أراد الدخولَ إلى مكة؛ لأنها عَلَى طريقِهِ، وهي آخِرُ الحِلِّ
وبدايةُ الحَرَم، ولم يقصدها مِنْ أَجْلِ أنها أفضلُ من غيرها، فلا يُشرَع
الذَّهابُ إليها ولا زيارتُها إلاَّ لِمَنْ يريد الإحرامَ بالعُمرة، فيُحرم منها
ويَرْجع، وهذا هو المشروع، أما أن الجُعْرَانة لَهَا فَضْلٌ فلا، وكذلك التَّنْعِيم،
فيزورونه لا للإحرام، ولكن للتبرُّك، والصلاة فِي مسجد التَّنْعِيم، فكُلُّ هذا
ليس له أصل.
والرسولُ صلى الله عليه وسلم إنَّما بَعَثَ عائشةَ للتنعيم لَمَّا أرادَتِ العُمْرَةَ، لأن التنعيم هو أقربُ الحِلِّ، وما أَرْسَلَهَا للتنعيم؛ لأن التنعيم له خُصُوصِيَّةٌ عَلَى غيره، وإنما لأنه أقرب إلى مَكَّةَ من أطراف الحِلِّ والرسولُ صلى الله عليه وسلم يطلبُ التسهيلَ.
([1])أخرجه: مسلم رقم (1218).