×
شرح مناسك الحج والعمرة على ضوء الكتاب والسنة

فالذي يذهب إلى التنعيم إنما يذهب لأَِجْلِ الإحرام بالعُمْرَة لأنه أدنى الحِلِّ، أما الَّذِي يذهب إلى التنعيم لأَِجْلِ الأَجْرِ، ولأَِجْلِ التبرُّكِ، ولأَِجْلِ الصَّلاة هناك، فهذا مما لا يجوز، أيترك المسلمُ الصَّلاةَ فِي المسجدِ الحرامِ، ويذهب ليصلي فِي التَّنْعِيمِ! فما هذا الانتكاس؟! بل سَمِعْنَا أنَّ بعضهم يَمُرُّ بالمِيقَات ولا يُحْرِم، ويقول: أُحْرِمُ من التَّنْعِيم؛ لأنه أَفْضَلُ! فهذا من الجَهْلِ المُركَّب والعياذ بالله، فكُلُّ مَن يَتْرُكُ الإحرامَ من المِيقَات ويقول: أُحْرِمُ من التَّنْعِيمِ؛ فإنه يكون قد ارتكبَ محظورًا من محظوراتِ الإحرامِ، وَهُوَ تَجَاوَزَ المِيقَاتَ بدون إحرامٍ، وفَعَل بدعةً، وهذا كُلُّهُ من الجَهْلِ.

ولا يُسوَّغ لطلبة العلم أن يَسْكُتُوا، بل يَجِب أن يُبَيِّنُوا للناسِ، ولا نقول: شَنِّعُوا عَلَى النَّاسِ، وأَغْلِظُوا عليهم، لا، بل نقول: بَيِّنُوا لهم بالحكمةِ والموعظةِ الحسنةِ والجدالِ بالتي هي أَحْسَنُ؛ لأنهم جُهَّالٌ لا يَدْرُونَ، فبَيِّنُوا لهم هذا الأَمْرَ بالحِكْمَةِ والمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ، والرِّفق واللِّين، تَحْصُلُوا عَلَى الأَجْرِ، ويَهْدِي اللهُ مَنْ يَشاء مِنْ هؤلاء، لَعَلَّهُمْ يَتُوبون، ويكون لكم الأَجْرُ، قَالَ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى، فَلَهُ مِنَ الأَْجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ، لاَ يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا» ([1])، وقال لِعَلِيٍّ: «فَوَاللهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللهُ بِكَ رَجُلاً وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ» ([2]).

فبيِّنوا للناسِ، وبيِّنوا للحُجَّاج هَذِهِ الأمورَ، فربما يكونُ مَعَهُمْ كتاباتٌ مكتوبٌ فيها زيارة هَذِهِ المزاراتِ، بَيِّنُوا لهم، وقولوا لهم: هذا لا أَصْلَ


الشرح

([1])أخرجه: مسلم رقم (2674).

([2])أخرجه: البخاري رقم (3009)، ومسلم رقم (2406).