×
شرح مناسك الحج والعمرة على ضوء الكتاب والسنة

 أو يأخذون من ترابه أو من الحصى، أو يَعْقِدُونَ الخِرَقَ فِي الشجر النابت فيه؛ تَبَرُّكًا بالجبل، حتى إن بعضهم لا يصلي إلاَّ وَهُوَ مُستَقْبِلُه.

كل هذا من البدع المُنْكَرَة التي لا تجوز، بل يَصِلُ إلى الشِّرْك إِذَا اعتقد أن الجبل ينفع أو يضر، أو يُطلب مِنْهُ الحوائجَ؛ هذا شرك أكبر؛ لأن الجبل ليس له مزية فِي أَنَّهُ يُرقى عليه، أو أَنَّهُ يتُوجَّه إليه، أو أَنَّهُ يُتبرَّك به، أو أَنَّهُ يُنظَر إليه، ولا يُختَصُّ بالوقوف عنده؛ بل الحاج يكفي أن يكون داخل عَرَفَة، ولو عند حدود عَرَفَة من داخلها، لا من خارجها، فإذا كَانَ فِي عَرَفَة؛ ولو فِي أقصاها، أو عَلَى طرفها؛ فقد أدَّى الوقوفَ، ولله الحمد.

ولا مانع أن يأكل الواقفُ بِعَرَفَةَ ويشربُ وينبسطُ إلى إخوانه، ولكن لا يكثر من الضحك والغَفْلة، بل يشغل وَقْتَهُ بالدعاء، والتضرع، والاستغفار؛ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» ([1]).

فيُكْثِرُ من الذِّكْرِ؛ ويُكْثِرُ من قول: لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وَهُوَ عَلَى كل شيء قدير، مع التلبية والدعاء.

وإذا اختار كتابًا فيه أدعية صحيحة، وقرأ منه؛ فلا بأس، فإذا كَانَ هناك كتابٌ، أو مختصرٌ موثوقٌ به، فيه أدعيةٌ صحيحةٌ يدعو بها؛ فلا بأس بذلك، شَرِيطَةَ إلاَّ يَكُونَ الدعاءُ جماعيًّا، أو أن يقرأ شَخْصٌ والبقيةُ يتابعونه، بل كُلُّ واحدٍ يدعو مُنْفَرِدًا، ويحرص عَلَى الأدعيةِ


الشرح

([1])أخرجه: الترمذي رقم (3585)، ومالك في «الموطأ» رقم (32)، والطبراني في «الدعاء» رقم (874).