من أن ينبسط مع إخوانه ومع زملائه دون المُبَالَغَةِ
فِي ذلك، ولكن يجعل مُعْظَمَ وَقْتِهِ للعبادة والذِّكْر والدعاء والاستغفار
والتوبة إلى الله عز وجل، والتلبية والتكبير، وكل ذكر له عز وجل.
فإذا غربتِ الشمسُ؛
فإنَّ مَنْ وَقَفَ فِي النهار ينصرف؛ اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ فإنه
وَقَفَ من بعد صلاة الظهر إلى أن غَرَبَتِ الشمسُ، ثم انصرف صلى الله عليه وسلم.
ولا ننسَ أَنَّهُ
عند الانصراف، وعند غروب الشمس يَحْضُرُ فضلٌ عظيمٌ من الله سبحانه وتعالى؛ فإن
الله جل وعلا ينزل إلى السماء الدنيا عشيةَ عَرَفَةَ نزولاً يَلِيقُ بجلاله؛ كَمَا
صحَّ بذلك الْحَدِيثُ، إلى سماء الدنيا، ويقول لملائكته الكِرَام: «انْظُرُوا
إِلَى عِبَادِي؛ أَتَوْنِي شُعْثًا غُبْرًا مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ؛
أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ، انْصَرِفُوا مَغْفُورًا لَكُمْ» ([1]).
فهذه فرصةٌ عظيمةٌ
للمسلم يحضرها مع إخوانه المسلمين عَشِيَّةَ عَرَفَة، وقتَ الانصراف من عَرَفَة،
وهذا هو اليومُ الَّذِي أنزلَ اللهُ فيه عَلَى نَبِيِّهِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم
قولَهُ تَعَالَى: ﴿ٱلۡيَوۡمَ
أَكۡمَلۡتُ لَكُمۡ دِينَكُمۡ وَأَتۡمَمۡتُ عَلَيۡكُمۡ نِعۡمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ
ٱلۡإِسۡلَٰمَ دِينٗاۚ﴾ [المائدة: 3].
هذا هو اليومُ
الَّذِي نَزَلَتْ فيه هَذِهِ الآْيَةُ عَلَى رسول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ
واقفٌ بِعَرَفَةَ؛ إن الله أَكْمَلَ لنا الدِّينَ، وأتمَّ عَلَيْنَا النعمةَ،
ورضيَ لنا الإسلامَ دينًا.
يا لَهَا مِنْ نِعَمٍ عظيمةٍ وخيراتٍ كثيرةٍ لهذه الأمة! إذن فالدِّينُ كاملٌ ولله الحمد، فلا محلَّ للبِدَعِ والمُحدَثاتِ التي يفعلها بعضُ الناسِ، لا محلَّ للبدعِ فِي دِينِ اللهِ؛ لأنه دِينٌ كاملٌ، لا يَقْبَلُ الزيادةَ، فمَنْ جاءَ
([1])أخرجه: أحمد رقم (7089)، وأبو يعلى رقم (2090)، وابن حبان رقم (3853).