وكان ابنُ عُمَرَ
رضي الله عنهما إِذَا سَلَّمَ عَلَى الرسولِ وصاحِبَيْهِ لا يزيد غالبًا عَلَى
قوله: «السَّلامُ عليكَ يا رسولَ اللهِ، السلامُ عليكَ يا أبا بكرٍ، السلامُ
عليكَ يا أَبَتَاهُ» ([1])، ثم ينصرف، وهذه
الزيارةُ إنما تُشرَع فِي حقِّ الرجالِ خاصةً، أما النساءُ، فليس لَهُنَّ زيارة
شيء من القبور كَمَا ثبت عن النبي: أنه «لَعَنَ زَوَّارَاتِ الْقُبُورِ مِنَ
النِّسَاءِ وَالْمُتَّخِذِينَ عَلَيْهَا الْمَسَاجِدَ والسُّرُجَ» ([2]).
وأَمَّا قَصْدُ
المدينةِ للصَّلاَةِ فِي مسجدِ الرسولِ، والدُّعاءِ فيه، ونحو ذَلِكَ مِمَّا
يُشْرَع فِي سائرِ المساجدِ، فهو مشروعٌ فِي حقِّ الجميعِ؛ لِمَا تقدَّمَ من
الأحاديثِ فِي ذلك، وأن يُكثِرَ فيه من الذِّكْر والدعاءِ وصلاةِ النافلةِ؛
اغتنامًا لِمَا فِي ذَلِكَ من الأَجْرِ الجزيلِ.
ويُستحَبُّ أن
يُكْثِرَ من صلاةِ النافلةِ فِي الرَّوْضَةِ الشريفةِ؛ لِمَا سَبَقَ من الْحَدِيثِ
الصحيحِ فِي فَضْلِهَا، وَهُوَ قولُ النبيِّ: «مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي
رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ» ([3]).
أمَّا صلاةُ الفريضةِ، فينبغي للزَّائرِ وغَيْرِهِ أن يتقدَّم إليها، ويُحافِظَ عَلَى الصفِّ الأوَّلِ بما استطاعَ، وإن كَانَ فِي الزيادة القبلية؛ لِمَا جاءَ فِي الأحاديثِ الصحيحةِ عن النبيِّ من الحثِّ والترغيبِ فِي الصفِّ الأوَّلِ؛ مثل قوله: «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إلاَّ أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ، لاَسْتَهَمُوا» متفق عليه ([4])، ومثل قوله لأصحابه:
([1])أخرجه: عبد الرزاق في «مصنفه» رقم (6724)، وابن أبي شيبة رقم (11793).