×
شرح مناسك الحج والعمرة على ضوء الكتاب والسنة

 «تَقَدَّمُوا فَأْتَمُّوا بِي، وَلْيَأْتَمَّ بِكُمْ مَنْ بَعْدَكُمْ، وَلاَ يَزَالُ الرَّجُلُ يَتَأَخَّرُ عَنِ الصَّلاَةِ حَتَّى يُؤَخِّرَهُ اللهُ» أخرجه مسلم ([1]).

وأَخْرَجَ أبو داود عن عائشة رضي الله عنها بسندٍ حسنٍ: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لاَ يَزَالُ الرَّجُلُ يَتَأَخَّرُ عَنِ الصَّفِّ الْمُقَدَّمِ حَتَّى يُؤَخِّرَهُ اللهُ فِي النَّارِ» ([2]).

وثبت عنه أَنَّهُ قَالَ لأصحابه: «أَلاَ تَصُفُّونَ كَمَا تَصُفُّ الْمَلاَئِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا؟» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ! وَكَيْفَ تَصُفُّ الْمَلاَئِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا؟ قَالَ: «يُتِمُّونَ الصُّفُوفَ الأُْوَلَ، وَيَتَرَاصُّونَ فِي الصَّفِّ» ([3]) رواه مسلم.

والأحاديثُ فِي هذا المعنى كَثِيرةٌ، وهي تَعُمُّ مَسْجِدَهُ وغَيْرَهُ قبلَ الزِّيادَةِ وبعدها، وقد صَحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يَحُثُّ أصحابَهُ عَلَى مَيَامِنِ الصُّفُوفِ، ومعلومٌ أن يَمِينَ الصَّفِّ فِي مَسْجِدِهِ الأوَّلِ خارجٌ عن الرَّوْضَةِ، فعُلِمَ بذلك أن العنايةَ بالصُّفُوفِ الأُوَلِ ومَيَامِنِ الصُّفُوفِ مُقَدَّمةٌ عَلَى العنايةِ بالرَّوْضَةِ الشريفةِ، وأنَّ المحافظةَ عليهما أَوْلَى من المحافظة عَلَى الصلاة فِي الرَّوْضَةِ، وهذا بيِّنٌ واضحٌ لِمَنْ تأمَّلَ الأحاديثَ الواردةَ فِي هذا البابِ، واللهُ الموفِّقُ.

ولا يَجُوزُ لأَِحَدٍ أن يتمسَّحَ بالحُجْرَةِ، أو يُقَبِّلَهَا أو يَطُوفَ بها؛ لأنَّ ذَلِكَ لم يُنقَل عن السَّلَفِ الصالحِ، بل هو بِدْعَةٌ مُنْكَرَةٌ.

ولا يجوز لأَِحَدٍ أن يسألَ الرسولَ قضاءَ حاجةٍ، أو تفريجَ كُرْبَةٍ، أو شِفَاءَ مريضٍ، أو نحوَ ذلك؛ لأن ذَلِكَ كُلَّه لا يُطلَب إلاَّ من الله سبحانه وتعالى، وطَلَبُهُ من الأمواتِ شِرْكٌ باللهِ وعِبَادةٌ لغيره.


الشرح

([1])أخرجه: مسلم رقم (438).

([2])أخرجه: أبو داود رقم (1108) بلفظ: «احْضُرُوا الذِّكْرَ، وَادْنُوا مِنَ الإِْمَامِ، فَإِنَّ الرَّجُلَ لاَ يَزَالُ يَتَبَاعَدُ حَتَّى يُؤَخَّرَ فِي الْجَنَّةِ، وَإِنْ دَخَلَهَا».

([3])أخرجه: مسلم رقم (430).